الوجه الحقيقي لفرنسا في التعامل مع قضايا العرب
أثار قرار القضاء الفرنسي بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوري بشار الأسد بتهمة ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان جدلاً واسعاً وأعاد إلى الواجهة نقاشاً حول دوافع فرنسا الحقيقية وراء هذا القرار. هذا القرار ليس فقط محاولة لمحاسبة الأسد على أفعاله، بل هو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى عزل سوريا دولياً. ويعكس هذا القرار، وفقاً لكثيرين، العنصرية المتجذرة في السياسة الفرنسية تجاه الدول العربية.
دوافع فرنسا الحقيقية
يتساءل العديد من المراقبين عن الأسباب الحقيقية وراء قرار فرنسا بملاحقة الأسد في هذا التوقيت بالذات.
1. **العزلة الدولية**:
- **تقويض النظام السوري**: يبدو أن الهدف الرئيسي لفرنسا من هذا القرار هو تقويض النظام السوري وإضعافه على الساحة الدولية. من خلال عزل سوريا عن العالم، تسعى فرنسا إلى تقليص نفوذ دمشق وتحجيم دورها في المنطقة.
- **دعم المعارضة**: يأتي هذا القرار في إطار دعم فرنسا للمعارضة السورية، والتي تسعى للإطاحة بالنظام الحالي واستبداله بحكومة جديدة تتماشى مع المصالح الغربية.
2. **تأكيد العنصرية**:
- **التحيز ضد العرب**: يعكس قرار فرنسا تحيزاً واضحاً ضد الدول العربية. بينما تتغاضى فرنسا عن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها دول حليفة مثل إسرائيل في غزة، تركز على معاقبة قادة الدول العربية بشكل انتقائي.
- **تاريخ طويل من العنصرية**: لم يكن هذا القرار سوى أحدث تجليات تاريخ طويل من السياسات الفرنسية العنصرية تجاه العرب، والتي تظهر من خلال التدخلات العسكرية والسياسية والدبلوماسية في المنطقة.
مفارقات التعامل الفرنسي
تبرز المفارقات في التعامل الفرنسي عند مقارنة موقفها من سوريا بموقفها من إسرائيل.
1. **التغاضي عن الجرائم الإسرائيلية**:
- **غزة**: رغم تقارير موثقة عن جرائم حرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، لم تتخذ فرنسا أي خطوات قانونية ضد المسؤولين الإسرائيليين. هذا التناقض يبرز ازدواجية المعايير الفرنسية.
- **الدعم اللامحدود**: تستمر فرنسا في تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي لإسرائيل في المحافل الدولية، متجاهلة الدعوات العالمية لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها.
2. **الانتقائية في العدالة**:
- **تسييس القضاء**: يبدو أن قرارات القضاء الفرنسي مسيسة وتخدم أجندات سياسية معينة. ملاحقة الأسد تأتي في إطار جهود سياسية لعزل سوريا، بينما تُستثنى دول أخرى من المحاسبة لأسباب استراتيجية.
تأثير القرار على سوريا
يترك هذا القرار تأثيراً كبيراً على الوضع في سوريا وعلى مستقبلها السياسي والدبلوماسي.
1. **زيادة العزلة**:
- **تعميق الأزمة**: من المتوقع أن يزيد هذا القرار من عزلة سوريا، مما يعقد الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة السورية بشكل سلمي ويزيد من معاناة الشعب السوري.
- **تقليل الدعم الدولي**: سيؤدي هذا القرار إلى تقليل الدعم الدولي للحكومة السورية، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية والسياسية عليها.
2. **تعزيز التطرف**:
- **تقوية الجماعات المتطرفة**: من الممكن أن يؤدي هذا القرار إلى تقوية الجماعات المتطرفة التي تستغل الفوضى والعزلة لتعزيز نفوذها، مما يزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.
يعكس قرار فرنسا بملاحقة الرئيس السوري بشار الأسد سياسةً متحيزة وعنصرية في التعامل مع القضايا العربية. بينما تغض الطرف عن الجرائم الإسرائيلية في غزة، تركز على معاقبة القادة العرب، مما يبرز ازدواجية المعايير الفرنسية. لتحقيق العدالة الحقيقية، يجب على فرنسا والمجتمع الدولي التعامل بموضوعية وتطبيق معايير موحدة على جميع الدول، بعيداً عن المصالح السياسية والاستراتيجية.
Comments
Post a Comment