ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

كلما جلست مع نفسي في لحظة تأمل، لا يسعني إلا أن أفكر في ذلك اليوم الذي غير مسار التاريخ، 7 أكتوبر. يومٌ اختارته حماس لبدء "طوفان"ها، طوفانٌ كان الهدف منه كما قيل "تحرير فلسطين". ولكنني أتساءل، ماذا لو لم تقم حماس بهذه الخطوة؟ ماذا لو لم تبدأ حماس ذلك الطوفان؟

عندما أفكر في الاحتمالات، أجد أنني أواجه مشاعر معقدة. على الجانب الأول، ربما كان هناك المزيد من الوقت لمحادثات السلام. ربما كانت غزة قد تجنبت هذا الدمار الهائل الذي لحق بها. كانت الحياة لتستمر بشكلها المعتاد، بكل ما فيه من صعوبات ومآسٍ، لكن بدون تلك المشاهد المروعة للدمار والقتل التي أصبحت جزءًا من حياتنا اليومية.

ما يؤلمني هو التفكير في كل الأرواح التي فقدت منذ ذلك اليوم. كل منزل تهدم، كل طفل فقد أمانه، كل أم فقدت ابنها. ماذا لو لم يحدث هذا الطوفان؟ هل كنا سنرى نفس عدد الضحايا؟ هل كانت غزة ستعيش تحت هذا الحصار المشدد والقصف المستمر؟ أسئلة تراودني كل يوم، ولا أجد لها إجابات مقنعة.

ولكن الأمر لا يتعلق فقط بما حدث بالفعل. بل أيضاً بما لم يحدث. لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر، ربما كانت الفرصة لا تزال قائمة لحل سلمي، لحياة يمكن أن تُبنى على أساس من الأمل بدلاً من اليأس. ربما كان هناك أمل في تحسين أوضاع الشعب الفلسطيني من خلال وسائل دبلوماسية أو ضغوط دولية. ولكن كل ذلك أصبح مستحيلاً بمجرد أن بدأت الحرب.

من ناحية أخرى، هناك من يقول إن حماس لم يكن لديها خيار آخر. إن الاستفزازات الإسرائيلية المستمرة، وغياب أي أفق سياسي حقيقي، جعلت من المقاومة المسلحة الخيار الوحيد. ولكن حتى إذا كان هذا صحيحًا، فإنني لا أستطيع أن أمنع نفسي من التفكير في الثمن الذي دفعه الأبرياء.

أحيانًا، وأنا أسير في شوارع غزة التي أصبحت مليئة بالأنقاض، أفكر في حياة الناس لو لم تبدأ حماس هذه الحرب. ربما كنا نعيش في ظروف صعبة، ولكن كان هناك أمل. أمل في المستقبل، أمل في حياة أفضل. الآن، يبدو أن الأمل نفسه قد تلاشى، وأصبحنا نعيش في عالم مليء بالخوف وعدم اليقين.

لا أستطيع أن ألوم حماس فقط، فالواقع معقد والظروف التي قادت إلى هذا الطوفان ليست بسيطة. ولكنني أعلم أن النتيجة كانت كارثية. كنت أتمنى لو كانت هناك طريقة لتجنب هذا المسار، طريقة كانت تمنح شعب غزة حياة أفضل بدلاً من هذا الألم المستمر.

في نهاية المطاف، لا أملك إلا أن أتمنى أن تكون هذه التجربة درسًا لنا جميعًا. درسًا بأن العنف لا يولد إلا المزيد من العنف، وأن الحلول العسكرية لن تجلب لنا السلام أبداً. أتمنى أن نتمكن يومًا ما من العيش في عالم حيث يمكن لحل سلمي أن يحقق العدالة والحرية، بدون الحاجة إلى طوفانات من الدماء والدمار.

لكن حتى يحدث ذلك، سأظل أفكر في "ماذا لو". ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟ كيف كانت حياتنا لتكون اليوم؟ للأسف، لن نعرف أبدًا الإجابة على هذا السؤال، ولكننا سنظل نحلم بغد أفضل، بغزة التي تستحق حياة مليئة بالسلام والأمل.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟