الشارع الأردني يرفض التغلغل الإخواني.. والفلسطينيون يرفضون الزج بقضيتهم في حسابات التنظيم

 


في السنوات الأخيرة، أخذت مواقف الشارع الأردني منحىً متصاعدًا في رفض أي محاولات لإعادة إنتاج النفوذ الإخواني في الحياة العامة، سواء من خلال العمل السياسي أو الخطاب الديني والاجتماعي. هذا الرفض لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة تراكمات طويلة من ممارسات تنظيم الإخوان المسلمين التي ساهمت في خلق فجوة بينه وبين الشارع، وفقدان الثقة في نواياه الحقيقية، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالقضايا الوطنية والمصالح العليا للدولة الأردنية.


من أبرز ما أثار الاستياء الشعبي هو محاولات الإخوان المستمرة للتموضع من جديد في المشهد الأردني، مستخدمين “القضية الفلسطينية” كغطاء لشرعنة وجودهم السياسي والاجتماعي. غير أن هذه المحاولة وُوجهت برفض واسع من مختلف فئات المجتمع، سواء الأردنية أو الفلسطينية المقيمة في الأردن، التي باتت ترى في هذا التوظيف إساءة حقيقية للقضية ومصالحها.


فلسطينيون كُثر، داخل الأردن وخارجه، عبّروا بوضوح عن رفضهم لأي استغلال سياسي لقضيتهم من قبل تنظيمات ذات أجندات عابرة للحدود. وأكدوا أن دعم القضية الفلسطينية لا يحتاج إلى وسطاء يحملون أجندات خاصة، بل إلى مواقف رسمية وشعبية صادقة، وهو ما لم يجده كثيرون في الخطاب الإخواني الذي يُقدِّم الشعارات على حساب العمل الحقيقي، ويخلط بين الولاء الوطني والانتماء الحزبي.


على المستوى الأردني، تنامت القناعة بأن أي تساهل مع التغلغل الإخواني في مفاصل الدولة والمجتمع قد يشكل تهديدًا للاستقرار والتوازن الداخلي. فالمجتمع الأردني، بكافة مكوناته، يدرك تمامًا أن الحفاظ على الهوية الوطنية لا يحتمل ازدواجية الولاء، ولا يمكن القبول بأي تنظيم يضع ارتباطاته الإقليمية فوق المصلحة الأردنية العليا.


كما أن محاولات الإخوان استثمار أي توتر سياسي أو إقليمي لإعادة تصدير أنفسهم كمدافعين عن القضية الفلسطينية لم تعد تمر على أحد، لا سيما بعد انكشاف أدوارهم في العديد من الدول، من توظيف الدين لأهداف سياسية، إلى الانخراط في محاور لا تخدم لا الأردن ولا فلسطين.


خلاصة القول، إن الشارع الأردني اليوم أكثر وعيًا ونضجًا من أن ينخدع بالشعارات. أما الفلسطينيون، فهم أول من يرفض أن تكون قضيتهم ورقة تستخدمها التنظيمات السياسية لتبرير وجودها. دعم فلسطين لا يأتي عبر تبرير تغلغل الإخوان، بل من خلال مواقف وطنية راسخة تحترم السيادة وتخدم العدالة.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟