عام من الحرب في غزة: بين الألم والصمود

مع اقتراب الحرب في غزة من دخول عامها الأول، أجد نفسي غارقةً في مشاعر مختلطة من الحزن والغضب واليأس. من الصعب أن أصدق أن عامًا كاملاً قد مر منذ أن بدأت هذه الحرب، عامًا كانت فيه كل يوم معركة من أجل البقاء، وكل لحظة مليئة بالخوف والترقب. غزة، تلك المدينة التي أحببتها دائمًا بكل تفاصيلها، أصبحت اليوم رمزًا لمعاناة لا تنتهي.

عندما بدأت الحرب، كنت أعتقد، مثل الكثيرين، أنها ستكون قصيرة الأمد، وأن العنف سينتهي بسرعة. لكن مع مرور الأيام والأسابيع، بدأت الحقائق تفرض نفسها بشكل قاسٍ. الحرب ليست مجرد صراع مسلح بين قوتين؛ إنها حالة دائمة من الدمار النفسي والجسدي للأبرياء. الأطفال الذين كبروا في ظل هذه الحرب لم يعرفوا يومًا من السلام، والآباء والأمهات يعيشون في خوف دائم على حياة أبنائهم.

ما يؤلمني أكثر هو الشعور بالعجز. كمواطنة عادي، أشعر بأنني مقيدة، غير قادرة على إيقاف هذا الكابوس الذي يحيط بنا. نحن نعيش في عالم تبدو فيه الأرواح البشرية أقل قيمة من المكاسب السياسية والعسكرية. كل صاروخ ينفجر في غزة يذكرني بأن هذا الصراع لا يُقاس بعدد القذائف، بل بعدد الأرواح التي تُزهق والأحلام التي تُدمر.

لقد تحولت غزة إلى ساحة حرب دائمة، حيث لا يمكن لأي شخص أن يشعر بالأمان. أعتقد أن أكثر ما يزعجني هو رؤية الأطفال الذين كان ينبغي أن يعيشوا طفولتهم بسلام، يتعرضون لصدمات نفسية لا يستطيع أحد أن يمحوها من ذاكرتهم. في كل مرة أسمع فيها عن سقوط ضحية جديدة، أتساءل: إلى متى سنستمر في هذا الدمار؟ إلى متى سيظل العالم صامتًا بينما تغرق غزة في دمائها؟

ورغم كل هذا الألم، أجد نفسي دائمًا منبهرًا بصمود سكان غزة. هؤلاء الناس الذين يواجهون الموت يوميًا، لا يزالون يحتفظون بشيء من الأمل والإصرار على الحياة. ربما لأنهم يعرفون أن الاستسلام ليس خيارًا، وأن الحياة تستمر رغم كل شيء. هذا الصمود هو ما يعطيني الأمل في أن غزة ستنهض من جديد، حتى بعد كل ما مرّت به.

لكن حتى مع هذا الأمل، لا يمكنني أن أنكر شعوري بالخيبة من العالم الخارجي. أين كانت القوى الكبرى عندما كنا بحاجة إلى مساعدة؟ أين كانت الأمم المتحدة وكل المنظمات الإنسانية عندما كنا نموت ببطء تحت الأنقاض؟ يبدو أن العالم قد نسي غزة، أو ربما اعتاد على أخبار الموت والدمار حتى أصبحت شيئًا عاديًا.

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لهذه الحرب، أدرك أن غزة لن تعود كما كانت. الخسائر كبيرة جدًا، والجروح عميقة جدًا. لكن الأمل لا يزال موجودًا، والأمل هو ما يجعلنا نستمر. نعم، لقد فقدنا الكثير، لكننا لم نفقد إرادتنا في الحياة. وسنظل نحلم بغد أفضل، بغزة التي تستحق السلام والكرامة.

في النهاية، لا يسعني إلا أن أدعو أن تنتهي هذه الحرب قريبًا، وأن يعود السلام إلى غزة. لقد عانينا بما فيه الكفاية، وحان الوقت لأن نعيش حياة طبيعية، حياة مليئة بالحب والفرح بدلاً من الخوف واليأس. حتى يأتي ذلك اليوم، سنظل نقاوم، سنظل نحلم، وسنظل نعيش، مهما كانت الصعاب.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟