غزة تواجه المفترسين، من هو أشرسهم؟

عندما نتحدث عن غزة، يتبادر إلى أذهاننا مشاهد الدمار والمعاناة التي يعيشها أهلها يومًا بعد يوم. منازل مهدمة، بنية تحتية منهارة، أرواح بريئة تُزهق، وأجيال تنشأ في ظل الخوف واليأس. بينما يتوزع اللوم في كثير من الأحيان بين إسرائيل والسياسات الدولية، لا يمكننا إغفال الدور الذي لعبته حماس في هذا المشهد المأساوي.

منذ أن سيطرت حماس على قطاع غزة في عام 2007، دخلت المنطقة في دوامة لا تنتهي من الصراعات والحروب. بدأت الحركة كقوة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وحققت بعض الإنجازات التي لا يمكن إنكارها في مجال الدفاع عن القضية الفلسطينية. ولكن، في الوقت نفسه، لا يمكن تجاهل أن سياسات حماس وتصرفاتها كانت سببًا رئيسيًا في التصعيدات العسكرية المتكررة، التي أدت إلى تدمير القطاع بشكل كبير.

في كل مرة تندلع فيها حرب جديدة، يتكرر السيناريو ذاته. إطلاق الصواريخ من غزة يرد عليه بقصف إسرائيلي شديد يترك وراءه دمارًا هائلًا. وفي كل مرة، يكون المدنيون الأبرياء هم الضحية الرئيسية. بيوت تُهدم، عائلات تُفقد، وأحلام تُدفن تحت الأنقاض. وفي النهاية، يعود الجميع إلى نقطة البداية، حيث لا شيء يتغير سوى زيادة معاناة السكان.

حماس، التي تدعي أنها تمثل المقاومة الفلسطينية، تتحمل مسؤولية كبيرة في تدهور الأوضاع في غزة. قراراتها بخوض الحروب دون النظر إلى عواقبها الكارثية على سكان القطاع تظهر افتقارًا للمسؤولية والوعي بتداعيات هذه الأفعال. في الواقع، فإن إصرار حماس على استخدام غزة كنقطة انطلاق للهجمات جعل من أهلها دروعًا بشرية في هذا الصراع المستمر.

وبينما تستمر حماس في تبني الخطاب المقاوم، تتفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة يومًا بعد يوم. الفقر، البطالة، انعدام الأمن الغذائي، ونقص الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء، كلها نتائج مباشرة للسياسات التي اتبعتها الحركة على مدار السنوات. فبدلًا من العمل على تحسين حياة الناس وتأمين مستقبل أفضل لهم، اختارت حماس أن تظل عالقة في حلقة مفرغة من العنف والدمار.

لا يمكن إنكار أن الاحتلال الإسرائيلي يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن معاناة الفلسطينيين. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن نعترف بأن حماس قد فشلت في تحقيق أهدافها، وفشلت في حماية شعبها من ويلات الحروب. الأسوأ من ذلك هو أن استمرار حماس في تبني العنف كوسيلة أساسية لمواجهة إسرائيل أدى إلى عزلة غزة عن العالم الخارجي، وتفاقم معاناة سكانها.

في النهاية، يتحمل قادة حماس مسؤولية كبيرة في تدمير غزة. وما لم تقم الحركة بإعادة النظر في سياساتها واستراتيجياتها، فإن الأوضاع في القطاع ستستمر في التدهور. إن غزة تستحق قادة يسعون لتحقيق السلام والأمان، قادة يهتمون بمستقبل أبنائها، وليس قادة يواصلون زجها في حروب لا نهاية لها.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟