معاناة السيدات في غزة: بين الحصار والحرب

أكتب هذه الكلمات وأنا واحدة من آلاف النساء اللواتي يعشن في غزة، تلك الأرض التي تحولت إلى سجن كبير لنا جميعًا. في كل يوم، نواجه تحديات لا تعد ولا تحصى، وكل واحدة منا لديها قصة مؤلمة ترويها عن المعاناة اليومية التي نعانيها. نحن النساء في غزة نحمل عبءًا ثقيلًا، لا يشمل فقط مسؤولياتنا كأمهات وزوجات، بل أيضًا معاناتنا في مواجهة ظروف قاسية تفوق قدرتنا على التحمل.

في غزة، لا تعرف النساء ما هو الأمان. دائمًا نعيش في حالة من الخوف الدائم، لا نعلم متى ستُقصف منازلنا أو متى ستفقد أسرتنا مصدر رزقها. هذا الخوف يتسلل إلى كل تفاصيل حياتنا اليومية. حتى ونحن نحاول العيش بشكل طبيعي، نجد أن الحرب والحصار يلاحقاننا في كل خطوة.

الحياة تحت الحصار: معاناة يومية لا تنتهي

بالنسبة لنا، النساء في غزة، الحصار ليس مجرد كلمة، بل هو واقع نعيشه بكل قسوته. الطوابير الطويلة للحصول على الطعام والوقود، شح الكهرباء والمياه، ونقص الأدوية كلها أمور أصبحت جزءًا من روتين حياتنا. تخيلي أن تكوني أمًا لأطفال لا يمكنك توفير الحليب لهم أو الأدوية عند مرضهم. تخيلي أن تجدي نفسك مضطرة لاختيار وجبة واحدة تكفي يومًا كاملاً، فقط لأنك لا تملكين سوى القليل من المال لتغطية نفقات الحياة اليومية.

نحن النساء هنا لا نملك رفاهية الحلم بمستقبل أفضل. معظم أحلامنا بسيطة: أن نحصل على يوم بدون قصف، أن يكون لدينا ماء نظيف، أو أن نجد وسيلة للعلاج عندما نمرض. حتى هذه الأحلام البسيطة أصبحت صعبة المنال.

الحرب والدمار: نحن في قلب العاصفة

عندما يبدأ القصف، نكون نحن النساء في الخطوط الأمامية لتلك المعاناة. نحن من نحاول تهدئة أطفالنا وهم يصرخون من الخوف، نحن من نحاول الحفاظ على منازلنا قائمة وسط الدمار، ونحن من نبحث عن لقمة العيش في ظل الحرب المستمرة. نحن النساء نتحمل مسؤولية توفير الراحة لعائلاتنا في ظل ظروف قاسية جدًا.

الكثير من النساء فقدن أحبائهن في هذه الحرب. زوجات فقدن أزواجهن، أمهات فقدن أبناءهن، وحتى بنات فقدن آباءهن. الحزن الذي نحمله في قلوبنا لا يوصف، لكنه لا ينتهي عند الفقد فقط، بل يمتد إلى الطريقة التي نعيش بها يوميًا. العنف والدمار المحيط بنا يحول حياتنا إلى كابوس مستمر.

التحديات الاجتماعية والنفسية

لا تقتصر معاناتنا على الحصار والحرب فقط، بل هناك أيضًا التحديات الاجتماعية التي نواجهها كنساء في مجتمع تقليدي مثل غزة. الكثير منا لا يستطيع الحصول على التعليم المناسب أو الوظائف بسبب القيود الاجتماعية أو الاقتصادية. الفرص محدودة للغاية، ومعظم النساء يجدن أنفسهن عالقات في دائرة من الفقر والاعتماد على الآخرين.

بالإضافة إلى ذلك، هناك الضغط النفسي الهائل الذي نعيشه. نحن النساء نحاول دائمًا أن نبدو قوية من أجل أطفالنا، لكن في الحقيقة، نحن منهارات من الداخل. القلق الدائم، الخوف من المستقبل، والحزن الذي نحمله يجعلنا نعيش في حالة من الإرهاق النفسي المستمر.

الغد المجهول

اليوم، وأنا أكتب هذه الكلمات، لا أملك سوى الأمل بأن يتحسن الوضع في غزة يومًا ما. أن نحصل على السلام الذي نحتاجه بشدة، وأن نعيش حياة كريمة بعيدًا عن الحرب والحصار. نحن النساء في غزة نحلم بغدٍ أفضل، ليس فقط لنا، بل لأطفالنا أيضًا. نريد أن نراهم يكبرون في عالم لا يعج بالحروب والدمار.

لكن حتى ذلك الحين، سنبقى نكافح. نحن النساء في غزة قد نكون في وجه العاصفة، لكننا أيضًا القوة التي تحافظ على استمرار الحياة هنا.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟