حياتي بين الخيمة والمنزل (الرفاهية والذل)
أنا فتاة من غزة، لا أعتقد أنني سأتمكن من وصف معاناتي اليومية بدقة، لكنها الحقيقة التي أعيشها منذ أن تركت منزلي وأصبحت أسكن في خيمة. الفارق بين حياتي الآن وما كنت أعيشه في منزلي لا يمكن قياسه بالكلمات، فكل شيء تغيّر.
عندما كنا في منزلنا، كان لكل زاوية في البيت ذكريات وحكايات. كان هناك الأمان، الدفء، والخصوصية التي نفتقدها بشدة الآن. كنت أستيقظ صباحاً على صوت أمي وهي تحضّر لنا الإفطار، وعلى رائحة الخبز الطازج. كنا نجلس معاً كأسرة حول المائدة، نضحك، نتحدث عن يومنا، ونخطط للغد. كل هذه اللحظات كانت بسيطة لكنها كانت تعني العالم بالنسبة لي.
أما الآن، حياتنا في الخيمة هي نوع آخر من التحدي. نحن نحاول التأقلم، لكن كيف يمكننا أن نتأقلم مع فقدان الأمان؟ كيف يمكن أن نتعوّد على النوم في العراء، على أصوات القصف المستمرة، وعلى البرد القارص في الليل؟ الخيمة ليست سوى قماش يحمي أجسادنا من الخارج، لكنها لا تستطيع أن تحمي أرواحنا من الحزن والخوف.
في الخيمة، نفتقد أبسط مقومات الحياة. لا يوجد كهرباء منتظمة، ولا ماء ساخن، وحتى الطعام ليس كما كان في المنزل. كل شيء متغير وغير مستقر. حتى الخصوصية التي كانت حقاً طبيعياً في منزلنا، أصبحت رفاهية نحلم بها. هنا في الخيمة، الجميع يرى الجميع، ولا مجال للخصوصية. أصوات الضحك والبكاء تختلط، والمشاعر تتداخل بين الأمل والخوف.
ورغم كل شيء، ما زلنا نحاول أن نتمسك بالأمل. الأمل بأن تعود الأمور إلى طبيعتها، بأن نعود إلى منازلنا، وأن تعود الحياة كما كانت. لكن، هل يمكن أن يحدث ذلك؟ وهل سنكون نفس الأشخاص إذا عدنا؟ الأسئلة لا تتوقف، والمعاناة لا تنتهي، لكنها جزء من حياتي الآن، كفتاة من غزة تعيش بين الخيمة والحلم بالعودة إلى المنزل.
كل يوم يمر هنا يحمل تحدياً جديداً، وكل يوم نتعلم كيف نواجهه. لكن يبقى السؤال: إلى متى؟
Comments
Post a Comment