استمرار الحرب على غزة: تأثيرها على الحياة والنفسية في غزة**

منذ بداية الحرب على غزة، في أوقات متفرقة وعلى مدار سنوات طويلة، ما زالت ملامح الدمار والآلام تظهر في كل زاوية من زوايا القطاع. غزة، تلك البقعة الصغيرة التي تشعر وكأنها مفتوحة أمام الرياح العاتية التي لا تهدأ، تعيش يومًا بعد يوم في دوامة من الألم والدمار. الحياة في غزة ليست فقط صراعًا على البقاء المادي، بل هي أيضًا صراع مع الزمن والأمل.

أثر الحرب على حياة أهل غزة

الحرب على غزة لا تعرف بداية أو نهاية محددة. فهي تشن بوتيرة متصاعدة، يخلّف كل تصعيد منها دمارًا هائلًا في البنية التحتية والمنازل، وحصيلة بشرية ثقيلة. ورغم أن غالبية الناس في غزة اعتادوا على شبح الحرب التي يلوح في الأفق بين حين وآخر، إلا أن الاستمرار في هذا العيش اليومي وسط الخوف والتهديدات يصعب تحمله. 

غزة تعيش في حصار خانق منذ سنوات، وهو ما جعل الحياة اليومية أكثر صعوبة. الناس لا يتمكنون من الحصول على احتياجاتهم الأساسية مثل الكهرباء والمياه العذبة والدواء. السوق يكاد يكون خاليًا، والبنية التحتية مدمرة، وكل شيء من حولهم يخبرهم أن المستقبل غير واضح.

حتى الأطفال، الذين يفترض أن يكونوا بعيدين عن هموم الحياة، هم ضحايا هذا الواقع. أصبحوا يتعلمون كيف يعيشون مع أصوات الانفجارات والغارات الجوية والتهديدات التي ترافق كل لحظة. مدارسهم أصبحت ليست فقط مكانًا للتعليم، بل أيضًا ملاذًا مؤقتًا من هول الواقع الذي يحيط بهم.

التأثير النفسي على أهل غزة

الحرب المستمرة تترك أثرًا بالغًا على نفسية أهل غزة. فحتى من استطاع منهم الهروب إلى أماكن أكثر أمانًا، لا يزال يحمل في ذهنه صورًا لمشاهد الدمار وفقدان الأحباء. إن آثار الحروب على النفس البشرية لا تنتهي بمجرد توقف القتال، بل تبقى محفورة في الذاكرة لأجيال قادمة.

مع كل قصف، مع كل جرح، ومع كل فقدان، تزداد مستويات التوتر والقلق لدى الفلسطينيين في غزة. أصبحت الاكتئاب والاضطرابات النفسية شائعة للغاية بين الأطفال والكبار على حد سواء. يضاف إلى ذلك، فقدان الأمل في وجود حل قريب ينهي هذا العنف المستمر. الشعور بالعجز يتفاقم في ظل عدم قدرتهم على التأثير في مجريات الأحداث.

وأيضًا، هناك مشكلة أكبر تتعلق بالعيش في حالة من العزلة. فغزة، بسبب الحصار، أصبحت شبه مغلقة عن العالم الخارجي، وهذا يجعل سكانها يشعرون بالعزلة والتهميش. العائلة في غزة لا تشعر بأنها جزء من العالم. بل هي حبيسة في هذه البقعة من الأرض، غير قادرة على التواصل بشكل طبيعي مع باقي الفلسطينيين في الضفة أو خارج البلاد.

إذًا، لا يمكننا أن نغفل عن الواقع القاسي لأهل غزة الذين يواجهون تحديات الحياة اليومية في ظل الحرب المستمرة. لكن مع ذلك، يبقى الأمل جزءًا من شخصياتهم، إذ يواصلون المقاومة بطرقهم الخاصة، رغم الألم والتحديات. لا يزالون يتشبثون بالحياة، ويعلمون أبنائهم أن الأمل في السلام هو أملهم الوحيد في مستقبل أفضل.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟