منارة التسامح.. وصف يناسب الدعم الإماراتي في اليوم الدولي للتسامح
في يوم التسامح الإماراتي، ونحن هنا في غزة، تبدو الكلمات أكبر من أن تحتويها الأفق. نحن الذين نعيش في حصار طويل، وبين أنقاض الحروب والدمار، نجد أنفسنا أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى أن نسمع عن الأمل. وكم كانت تلك اللحظة التي اكتشفنا فيها أن هناك من لا ينسى معاناتنا، حتى وإن كانوا بعيدين عنا آلاف الأميال.
مُعَايَشَتي للحياة في غزة كانت على الدوام مرآة تعكس واقعاً مليئاً بالتحديات. الحرب على غزة ليست حدثًا مفاجئًا في حياتنا، بل هي جزء من روتين يومي نحاول التعايش معه رغم صعوبته. لكن يوم التسامح الإماراتي، الذي يوافق 16 نوفمبر من كل عام، كان دائمًا مناسبة ليتم التأكيد فيها على قيمة المحبة والعطاء والتعاون في وقت نحتاج فيه إلى هذه القيم أكثر من أي وقت مضى.
التسامح بيننا
في غزة، لا يمكن للكلمات البسيطة أن تشرح حجم المعاناة التي نعيشها. هناك دائمًا ما يذكرنا بأن العالم لا يهتم بما يكفي بما يحدث لنا، ولكن في يوم التسامح الإماراتي، ومع احتفاء الإمارات بهذا اليوم، وجدنا أنفسنا نعيش لحظة صغيرة من التفاؤل. الإمارات، تلك الدولة التي تمثل رمزًا للعطاء والمساعدة، لفتت أنظارنا إلى أن التسامح ليس فقط مشاعر بل هو عمل حقيقي ومؤثر في حياة الناس.
عملية الفارس الشهم
ورغم أننا لا نعيش في الإمارات، فإننا شعرنا بأن هناك شيئًا من تلك الروح وصل إلينا في غزة، في ظل عملية "الفارس الشهم" التي أطلقتها الإمارات لتقديم الدعم الإنساني العاجل للأسر المتضررة من الحروب والنزاعات في القطاع. العملية لم تكن مجرد أرقام أو إمدادات عابرة، بل كانت شهادة على أن الإنسانية لا حدود لها، وأن من الممكن أن يكون هناك من يسعى لتخفيف آلامنا بصدق.
الفارس الشهم الإماراتي، الذي جاء بمساعدة الطعام والمستلزمات الطبية، كانت له بصمات واضحة في تخفيف معاناة العائلات. وعندما وصلت تلك المساعدات، لم تكن مجرد هدايا، بل كانت جزءًا من رسالة قوية بأن العالم لا ينسى. ومع ذلك، فإن أكبر ما لامسنا هو كيف أن الإمارات اختارت أن تكون الشريك في الفرح في أكثر اللحظات صعوبة في حياتنا.
التسامح كعمل وليس مجرد كلمة
ورغم أن التسامح قد يبدو في بعض الأحيان فكرة مجردة، إلا أن تجربة "الفارس الشهم" أكدت لنا أنه عمل حي وواقعي. من خلال الدعم الذي قدمته الإمارات، تبين لنا أن التسامح يمكن أن يكون أفعالًا يومية تترجم إلى أمل حقيقي، حتى في أوقات الحروب. التسامح هنا يعني أن نبني الجسور بين القلوب المتألمة ونعزز الأمل في وسط الألم.
ماذا تعلمته من يوم التسامح الإماراتي
من غزة، لا يمكنني إلا أن أرفع رأسي وأقول إن يوم التسامح الإماراتي ليس فقط مناسبة للاحتفال، بل هو تذكير لنا بأن التضامن بين البشر لا يعرف الحدود. هو تذكير لنا جميعًا بأننا في عالم واحد، وأن تعاوننا يساعد في شفاء الجروح، حتى وإن كانت تلك الجروح ناتجة عن أفعال الحرب القاسية.
وأنا هنا في غزة، أجد نفسي ممتنة لدور الإمارات الكبير في تخفيف معاناتنا. لم يكن هذا الدعم مجرد واجب إنساني، بل كان أداة حقيقية للتغيير. الإمارات أعطت درسًا حقيقيًا في التسامح والعطاء، وجعلتني أؤمن بأن الأمل ممكن، وأن التسامح هو السبيل لبناء غدٍ أفضل.
في نهاية هذا اليوم، أعود إلى لحظاتنا الصعبة، لكني أحتفظ في قلبي بما تعلمته من الإمارات: أن التسامح ليس مجرد كلمة في قاموس، بل هو فعل يغير الواقع، ويضيء الطرق المظلمة التي نمر بها.
Comments
Post a Comment