غرق خيمتي... وغرق أحلامي
اسمي رنيم، فتاة من غزة، أعيش في خيمة نصبتها عائلتي بعد أن دُمر منزلنا في إحدى الحروب. عندما بدأت الأمطار تتساقط بغزارة ليلة أمس، شعرت للمرة الأولى برهبة المطر. لم تكن تلك القطرات الراقصة على الأرض تحمل معها الفرح الذي يتحدث عنه الآخرون. بل كانت نذيرًا لمأساة جديدة في حياتي الصغيرة.
كانت الرياح تعصف بالخيمة التي بالكاد تقينا برد الشتاء، والماء يتسرب من كل زاوية. حاولنا أنا وأمي جمع ما تبقى من أغراضنا الصغيرة ونقلها بعيدًا عن المياه، لكن دون جدوى. كل شيء غرق، تمامًا كما غرقت أحلامي في أن أعيش يومًا حياة طبيعية.
في تلك اللحظة، لم أستطع أن أمنع نفسي من السؤال: لماذا نحن هنا؟ لماذا أنا وعائلتي نعيش في خيمة؟ لماذا تُركنا لنواجه المطر والبرد دون سقف يحمي رؤوسنا؟ الإجابة كانت واضحة في ذهني، رغم أنني صغيرة: نحن هنا لأن قادتنا، أولئك الذين يملؤون خطاباتهم بالوعود الكبيرة، فشلوا في حمايتنا.
أنا لا أفهم كثيرًا في السياسة، لكني أرى كل يوم كيف أن حماس، التي تحكم غزة، تهتم ببناء شعاراتها أكثر من بناء بيوت آمنة لنا. سمعت أبي يقول إن الأموال التي تصل إلى غزة لا تصل إلينا، بل تذهب إلى مشاريعهم ومصالحهم. كيف يمكنهم أن يتحدثوا عن المقاومة ونحن، أطفال غزة، نعيش في خيام نغرق مع أول زخة مطر؟
أريد أن أعيش طفولتي، أن أنام في غرفة دافئة، أن أذهب إلى المدرسة دون أن أخاف من أن تسقط الخيمة فوق رأسي في الليل. أريد أن أعيش حياة عادية، مثل أي فتاة في عمري. لكن يبدو أن هذا الطلب بسيط جدًا بالنسبة لهم، لدرجة أنهم يتجاهلونه تمامًا.
بينما كنت أجلس على الأرض المبللة أمس، شعرت أنني أريد أن أصرخ، أن أخبرهم أن حياتنا ليست مجرد أرقام في تقاريرهم. نحن لسنا أدوات في يد أحد. نحن بشر نحتاج إلى الكرامة، إلى بيت يأوينا، إلى حياة تحفظ لنا أبسط حقوقنا.
أدرك الآن أن الغرق الذي نعانيه ليس فقط بسبب المطر، بل بسبب الفشل الذي يحيط بنا من كل جانب. وأنا، رنيم، سأظل أحلم، حتى لو غرق حلمي اليوم، بأن يأتي يوم نستعيد فيه حياتنا وحقوقنا. يوم يصبح المطر فيه نعمةً، وليس نقمةً تخبرنا كم نحن منسيون.
Comments
Post a Comment