غزة في قلب الحرب: رحلة معاناة فتاة تبحث عن الأمل

أنا فتاة من غزة، وأعيش في مدينة سُلب منها السلام، وتهدم فيها البيوت، ويُهدم فيها كل شيء ما عدا الأحلام. منذ أن كنت طفلة، كانت الحرب بالنسبة لي شيئًا مستمرًا، ضيفًا ثقيلًا لا يغادر حياتنا، يرافقنا في كل خطوة، ويجعل من يومنا معركة جديدة. 

لكن رغم هذا الواقع، كانت هناك لحظات أمل. كانت والدتي دائمًا تقول لي: "النجاة ليست فقط في البقاء على قيد الحياة، بل في أن تظل لديك القدرة على الحلم." ولكن كيف يمكن أن تحلم فتاة في غزة؟ كيف يمكن أن ترى الحياة جميلة وسط الدمار والحصار؟  

في هذه اللحظات، ما أحتاجه ليس فقط الطعام أو الماء. ما أحتاجه حقًا هو الأمان، ذلك الشعور الذي سرقته الحروب من أطفالنا. ما أحتاجه هو النوم بسلام دون أن أستيقظ على صوت القصف أو انهيار منزل جيراني. أحتاج إلى رؤية السماء الصافية مرة أخرى، لا تلك السماء التي تغطيها الغيوم السامة من دخان الحروب.

أنا شابة في العشرينات من عمري، ولكنني عشت أكثر من عمرٍ بكثير. على الرغم من ذلك، ما زلت أتمسك بالحياة بكل قوتي. أحتاج إلى دعم نفسي، إلى أن أجد من يطبطب على قلبي المنهك، من يرفعني في ظل هذه العتمة. نحن نعيش في "حالة طوارئ" دائمة، حيث كل يوم يحمل في طياته الخوف، والصوت العالي للقنابل، وحالة الارتباك التي تجعلنا ننسى حتى كيف نعيش لحظات سعيدة. 

لكن رغم كل شيء، هناك أشياء صغيرة تجعلنا نعيش. مثل لحظة تلقي مكالمة من أحد الأصدقاء، أو ابتسامة من شخص لا يزال يقاوم، أو لمسة من الحب بين أفراد العائلة في تلك اللحظات التي تظل الوحيدة التي تجعلنا نشعر بأننا بشر.

أنا لا أحتاج فقط إلى المساعدات الإنسانية، بل أحتاج إلى فرصة حقيقية للبقاء، للعيش بكرامة، لفرصة في التعليم، في العمل، في تحقيق حلم طالما تأجل. أحتاج إلى أن أكون أكثر من مجرد "ضحية" في التقارير الإعلامية، أحتاج أن أكون إنسانة قادرة على بناء مستقبلها بيدها، وليس انتظارًا للغد الذي ربما لا يأتي.

لكن في قلب هذه المعاناة، أجد أملًا. أملًا في أن ياتي يوم، يوم لا يكون فيه صوت الحرب هو الوحيد الذي يملأ آذاننا، بل صوت السلام يصدح في كل زاوية من غزة.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟