في قلب القصف.. رسالة من غزة

من تحت سقف خيمتي التي أصبحت ملاذي الوحيد منذ أن دُمرت بيتي، أكتب هذه الكلمات، لعلها تصل إلى من يستطيع أن يشعر بما يحدث هنا، أو يفهم حجم الألم الذي نعيشه كل يوم. نحن في غزة لا نعرف طعم النوم منذ أن بدأ القصف، ولا نعرف متى ينتهي هذا الجحيم.  

كل شيء تغير في حياتنا. البيوت التي كنا نحتمي بها صارت ركامًا، الشوارع التي كنا نلعب فيها أصبحت ممرات للخوف والدمار. الأصوات التي كانت تملأ ليالينا ضحكًا وفرحًا، صارت الآن أصوات صواريخ وانفجارات.  

الألم أكبر من أن يُكتب

لم يعد هناك مكان آمن. القصف لا يفرق بين بيت ومدرسة، بين مستشفى ومخبز. الخوف يرافقنا في كل خطوة. أعين الأطفال هنا تحكي قصصًا لا يمكن أن تروى، مزيجًا من الذهول والرعب والحزن الذي لا يرحم أعمارهم الصغيرة.  

أجلس بجوار أمي وأبي، أحاول أن أطمئنهم بأننا سنكون بخير، رغم أنني لا أصدق كلماتي. نسمع أصوات الطائرات فوق رؤوسنا، نعد الثواني حتى نسمع صوت الانفجار، وندعو أن يكون بعيدًا عنا هذه المرة.  

لكن الانتظار في غزة يختلف. نحن لا ننتظر العيد أو المناسبات السعيدة، بل ننتظر نهاية العدوان، أو ربما ننتظر الموت، لأننا نعلم أن القذيفة القادمة قد تكون لنا.  

غزة ليست مجرد مكان

غزة ليست فقط مدينة تُقصف أو تُحاصر. غزة هي الناس، الأرواح التي تحاول أن تعيش رغم كل شيء. هي صوت الطفل الذي يحلم بغد أفضل، هي المرأة التي تحاول أن تطبخ وجبة بسيطة تحت القصف، هي الرجل الذي يمسح دموعه في الظلام حتى لا يراها أطفاله.  

نحن لسنا أرقامًا في نشرات الأخبار. نحن بشر نحلم ونحب ونبكي ونأمل. نحن هنا نحارب بكل ما تبقى لدينا من قوة لنثبت أننا أحياء.  

ربما لن تتوقف الحرب غدًا، وربما لن تنتهي هذه المعاناة قريبًا، لكن ما لن ينكسر فينا هو أملنا. نحن أبناء غزة نؤمن أن الشمس ستشرق يومًا رغم كل هذا الظلام، وأن هذا الدمار سيتحول يومًا إلى حياة.  

من قلب القصف، أرسل لكم دعوة للتفكير فينا كبشر، للتضامن معنا، ولأن تبقى غزة في قلوبكم، لأنها ليست مجرد مدينة تُقصف، بل وطن مليء بالأحلام التي تنتظر يومًا تتحقق فيه.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟