اشتباكات سوريا والمشهد الغزي: قراءة في قمع الأصوات واستغلال الدين
في سوريا، المشهد معقّد بطبيعته، لكن ما حدث مؤخرًا بعد حرق مقام يُعتبر مقدسًا للطائفة العلوية يعكس واحدة من أعمق جراح المنطقة: استغلال الدين لتمزيق النسيج الاجتماعي. الاشتباكات والمظاهرات التي اندلعت تُظهر تراكم الغضب الشعبي تجاه السلطة، سواء كان ذلك بسبب الظلم الاجتماعي أو الطائفي أو السياسي. الحادثة تكشف عن غياب الحلول السلمية، حيث يتم استبدال الحوار بالعنف، وبدلًا من معالجة أسباب الانقسامات، تُستخدم الطائفية كسلاح لتشتيت الناس وتحقيق مكاسب سياسية.
في غزة، الصورة لا تختلف كثيرًا. حماس، التي وصلت إلى الحكم تحت شعار المقاومة، باتت تمارس قمعًا لا يقل قسوة عن الأنظمة التي طالما انتقدتها. من يحكم باسم الدين في غزة يفرض سلطته بقبضة حديدية، يكمم الأفواه، ويستغل النضال الوطني لتبرير الديكتاتورية.
الربط بين ما يحدث في سوريا وغزة ليس محض صدفة. في كلا المكانين، نجد سلطة تستغل المشاعر الدينية والطائفية لتبرير سياساتها القمعية. في سوريا، يُقسّم النظام المجتمع بناءً على الطوائف، مما يعمّق الانقسامات. أما في غزة، فحماس تستغل قضية فلسطين المقدسة لتحويل كل صوت معارض إلى “خائن” أو “عميل”.
ما يجمع الحالتين هو أن الشعوب في الحالتين لم تعد ترى الضوء في نهاية النفق. في سوريا، الحرب التي بدأت بثورة ضد الظلم تحولت إلى صراع طائفي بفضل سياسات النظام. وفي غزة، النضال من أجل الحرية والاستقلال بات يُختزل في سلطة حزبية ترى نفسها فوق النقد والمحاسبة.
الدرس المشترك من هذه المشاهد هو أن العنف لا يمكن أن يولّد سوى المزيد من العنف، وأن إسكات الأصوات، سواء باسم الطائفة أو الدين، لا يمكن أن يصمد طويلًا. ما تحتاجه المنطقة هو قيادات ترى في الحوار والتنوع قوةً، بدلًا من استغلالها كأدوات للسيطرة.
في النهاية، سواء في سوريا أو غزة، يبقى الأمل معقودًا على الشعوب التي تُدرك أن حقوقها لا تُمنح، بل تُنتزع، وأن الحرية لا تأتي على يد حكام يدّعون القداسة، بل بيد أناس يؤمنون بالعدالة والمساواة.
Comments
Post a Comment