تطورات الهدنة في غزة: حلم فتاة في الخيمة بالعودة إلى البيت

أنا فتاة من غزة، أعيش الآن في خيمة. أقول ذلك وأحاول أن أعتاد على الفكرة، لكن الحقيقة أن الخيمة ليست بيتًا، ولا يمكن أن تكون. قبل الحرب، كنا نعيش في بيت صغير، مليء بالدفء والذكريات. الآن، أصبحت السماء سقفًا لنا، والجدران التي كانت تحمينا أصبحت مجرد خطوط في ذاكرتي.  

عندما سمعت عن الهدنة، لم أصدق في البداية. كل مرة تُعلن فيها هدنة، نعيش بين الأمل والخوف. لكن هذه المرة، شعرت بشيء مختلف. ربما لأنني لم أعد أملك شيئًا أخسره، أو ربما لأن قلبي لا يزال متمسكًا بحلم العودة إلى البيت.  

في الخيمة، الحياة صعبة. ننام على الأرض، ونحتمي بغطاء خفيف لا يقي برد الليل. عندما تهب الرياح، أسمع أصواتها وكأنها تذكرنا بأننا بلا مأوى. لكن فكرة الهدنة تعني لي الكثير. تعني أن الحياة قد تهدأ قليلًا، وأنني قد أتمكن من زيارة بيتنا القديم، حتى لو كان مدمّرًا.  

أشتاق إلى كل شيء في بيتنا. إلى زاوية غرفتي حيث كنت أقرأ كتبي المفضلة، وإلى رائحة الطعام التي كانت تملأ المطبخ. أتذكر صوت أبي وهو يفتح الباب، وأمي وهي تنادي علينا لتناول العشاء. هذه التفاصيل البسيطة التي كانت يومًا عادية أصبحت الآن كنزًا من الذكريات التي تدفعني للاستمرار.  

الحياة هنا ليست سهلة. نحاول أن نتأقلم، لكننا ننتظر دائمًا. ننتظر الأخبار، ننتظر المساعدات، ننتظر الهدنة التي قد تُعيد لنا القليل من كرامتنا. أمي تقول دائمًا إن العودة إلى البيت ليست مجرد حلم، بل هي حق. وأبي، رغم صمته الطويل، أراه يجمع بعض الحجارة من حول الخيمة، وكأنه يبني جدارًا جديدًا في مخيلته.  

بالنسبة لي، الهدنة تعني الأمان. تعني أنني لن أخاف من أصوات القصف وأنا أحاول النوم. تعني أنني قد أرى أصدقائي مرة أخرى، وأن أتمكن من السير في شوارعنا دون أن أخشى أن تكون هذه هي المرة الأخيرة. والأهم، تعني أنني قد أعود يومًا إلى بيتنا، حتى لو كان مجرد أطلال، وأعيد بناءه حجرًا حجرًا.  

كفتاة من غزة، أحلم بأن تكون الهدنة بداية جديدة لنا. أحلم أن تنتهي هذه الأيام الصعبة، وأن نستعيد حياتنا البسيطة التي كانت تبدو لنا عادية جدًا. أؤمن أن السلام ممكن، وأن العودة إلى البيت ليست مستحيلة. نحن في غزة تعلمنا أن نحلم رغم كل شيء، وأن نعيش على الأمل حتى في أصعب الظروف.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟