هدنة غزة.. استراحة مؤقتة في عالم مليء بالعواصف
أنا فتاة من غزة، مدينة صغيرة مكتظة بالألم والصبر، ولكنها تحمل في أعماقها حباً للحياة رغم كل شيء. حين سمعت عن الهدنة الأخيرة، شعرت بتلك المشاعر المتناقضة التي أصبحت مألوفة لدينا: أمل خافت يختلط بالخوف من أن تكون هذه الهدنة كغيرها، مجرد وقت مؤقت لنلتقط أنفاسنا قبل أن تعود العاصفة مجددًا.
الهدنة في غزة ليست مجرد اتفاق سياسي بين أطراف النزاع؛ إنها لحظة ننتظرها جميعًا بفارغ الصبر لنحاول إعادة بناء ما يمكن ترميمه. بالنسبة لي، الهدنة تعني أن أفتح نافذة غرفتي دون أن أخشى صوت الطائرات أو القصف. تعني أن أتمكن من الخروج إلى السوق مع والدتي دون القلق من الطرقات التي قد تتحول إلى خطر دائم.
ولكن مع كل هدنة، أدرك أنها ليست أكثر من مسكن للألم، وليست علاجًا للجروح التي نحملها. الهدنة تعني لنا الكثير، لكنها أيضًا تذكرنا بمدى هشاشة حياتنا هنا. كيف يمكن أن يتحول أملنا إلى قلق كلما اقتربت نهايتها؟
أتساءل أحيانًا، كيف يمكن للحياة أن تبدو عادية في مكان مثل غزة؟ كيف يمكن لأطفالنا أن يلعبوا في الشوارع بعد أيام من الخوف، وكيف يمكن لنا أن نبتسم رغم كل هذا الألم؟ لكننا نفعل ذلك. نحن أهل غزة نجيد البحث عن الحياة وسط الركام.
اليوم، وأنا أكتب هذه الكلمات، أسمع صوت الضحكات القادمة من بيت الجيران. يبدو أن هناك عرسًا صغيرًا أو احتفالاً بسيطًا. هذا هو حالنا، نحاول أن نعيش رغم كل شيء.
الهدنة ليست فقط وقتًا للهدوء، إنها فرصة لنا لنثبت لأنفسنا وللعالم أننا قادرون على الاستمرار، على الحب، وعلى الحلم بغدٍ أفضل. حتى لو كان هذا الغد بعيد المنال، نحن هنا لنصنعه بكل ما نملك من أمل وصبر.
أنا، كفتاة من غزة، لا أريد سوى حياة طبيعية، حياة لا تشبه الهدنة، بل تحمل السلام الحقيقي الذي ننتظره منذ سنوات طويلة.
Comments
Post a Comment