غزة في آخر أيام الحرب
غزة، تلك البقعة الصغيرة بحجمها، الكبيرة بصمودها، تعيش كأنها تقف على حافة الزمان، بين الحياة والموت، بين الصمت والضجيج. آخر أيام الحرب في غزة ليست كأي أيام. هي أيام مشحونة بمشاعر متناقضة، تجتمع فيها القوة مع الضعف، والفرح مع الحزن، والأمل مع اليأس.
في آخر أيام الحرب، تبدأ الغارات بالتراجع، ويحل صمت غريب لكنه مشوب بالخوف. سكان غزة يعرفون هذا الصمت جيدًا، فهو ليس دليلًا على انتهاء الألم، بل هو استراحة قصيرة قبل أن تبدأ معركة أخرى، ربما ليست عسكرية هذه المرة، بل معركة لإعادة بناء ما تهدم.
في تلك اللحظات، ترى شوارع غزة، التي كانت تضج بالحياة ذات يوم، وقد تحولت إلى شواهد على الألم. البيوت المهدمة تحكي قصصًا عن عائلات كانت تجتمع تحت سقف واحد، عن أطفال كانوا يحلمون بمستقبل بعيد، وعن أمهات فقدن كل شيء إلا صبرهن.
لكن رغم كل هذا الألم، في غزة هناك دائمًا حياة. الأطفال يلعبون بين الأنقاض، وكأنهم يقولون إننا أكبر من كل هذا الخراب. الرجال والنساء ينظفون شوارعهم، يعيدون ترتيب حياتهم المبعثرة، ويزرعون الأمل حيثما استطاعوا.
آخر أيام الحرب في غزة ليست نهاية، بل بداية جديدة لمعركة أخرى، معركة البقاء والحياة. فالغزيون يعرفون جيدًا كيف ينهضون من تحت الركام، كيف يبنون مدينتهم من جديد، وكيف يحافظون على إنسانيتهم رغم كل المحاولات لكسرها.
غزة تعلمنا أن القوة ليست في السلاح، بل في الإصرار على الحياة، في التمسك بالأمل حتى وإن كان بعيد المنال، وفي أن تكون إنسانًا رغم كل الظروف التي تحاول أن تسلب منك إنسانيتك.
في غزة، آخر أيام الحرب تحمل دائمًا درسًا: أنه لا يوجد شيء يمكنه كسر إرادة الحياة.
Comments
Post a Comment