المجاعة في غزة: جوعٌ يتجاوز الطعام


غزة، تلك البقعة الصغيرة التي تحمل على كتفيها وجع العالم بأسره، ليست فقط حكاية عن الحصار والحروب، بل أيضاً عن جوعٍ يُثقل الأرواح قبل الأجساد. عندما أتحدث عن المجاعة في غزة، لا أصف فقط نقص الخبز أو الحليب، بل أتحدث عن شعور دائم بالعجز، عن انتظار طويل لفرصة حياة كريمة تبدو بعيدة المنال.


المجاعة في غزة ليست صورة عابرة تراها في الأخبار، بل هي واقع يومي. هناك عائلات تُضيء شموعها في ظلام الليل لأنها لا تملك سوى الدعاء ليكون غدها أفضل. أطفالٌ ينامون على بطون خاوية، وأمهاتٌ يحاولن خداع الجوع بكوبٍ من الشاي البارد.


لكن ما يدهشني في غزة هو أن الجوع هناك لا يقتصر على نقص الطعام. إنه جوع للكرامة، جوع لفرصة عمل، جوع لحرية يتحرك فيها الناس بلا حواجز. في شوارع غزة ترى الأمل يختلط بالألم، وكأن الحياة تصرّ على أن تستمر رغم كل شيء.


أتساءل أحياناً: كيف يحتمل الناس هناك؟ لكن الجواب واضح. غزة تعلّمك أن الكرامة أغلى من كل شيء. حتى في أشد لحظات الجوع، تظل الوجوه صامدة، والابتسامة حاضرة كأنها إعلان واضح بأن الحياة تستحق المقاومة.


المجاعة في غزة ليست مجرد أزمة، إنها وصمة في ضمير العالم. ففي كل وجبة تُهدر على طاولاتنا، هناك طفل في غزة يتمنى لو أن نصيبه وصل إليه. نحن مدينون لغزة، ليس فقط بالدعم، بل بأن نكون صوتاً للعدل، لعلّ الجوع هناك يتحول إلى حكاية انتهت، لا إلى جرحٍ يزداد عمقاً.


Comments

Popular posts from this blog

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟

وجهة نظر فتاة من غزة حول أحداث لبنان وتأثيرها على غزة

حماس: "الحكم" الذي جرّ غزة إلى الحرب