حكايتنا بعد الحرب

 غزة بعد نهاية الحرب ليست مجرد مكان، بل هي قصة صمودٍ ووجع، ملحمة كُتبت بدماء الأبرياء وأحلامٍ لم تكتمل. حين تضع الحرب أوزارها، يتبقى المشهد مليئًا بالتناقضات؛ الركام بجانب الأمل، الحزن يتجاور مع الإصرار على الحياة، والدموع تختلط بضحكات الأطفال التي لا تزال تجد طريقها وسط كل شيء.


تجولتُ في شوارع غزة بعد أن هدأ صوت المدافع، وشعرت أن المدينة تتحدث بلغةٍ خاصة؛ لغة الكفاح من أجل البقاء. البيوت التي صارت أطلالًا تحمل ذكريات أناس عاشوا فيها، الضحكات التي سُرقت، والحكايات التي لم تنتهِ. رأيتُ وجوهًا أنهكها الحصار والحرب، لكنها ما زالت تحمل بريقًا عجيبًا من العزيمة.


الأطفال، رغم ما شهدوه، يلعبون بين الركام وكأنهم يعلنون أن الحياة مستمرة مهما حدث. أمهاتهم ينظرن إليهم بحب وخوف، ربما لأنهن يدركن أن الحرب ليست مجرد قذائف، بل هي سنواتٌ طويلة من المعاناة النفسية والمادية التي تبدأ بعد توقفها.


غزة، بعد الحرب، ليست مجرد مدينة تحاول الوقوف على قدميها. هي رمزٌ لشعبٍ يقاتل من أجل حقه في الحياة الكريمة. شعبٌ يعلم أن الحرب ليست النهاية، لكنها فصلٌ من كتاب طويل يحلم بأن تُكتب صفحاته القادمة بسلام.


في الليل، عندما يسدل الظلام ستاره على 

غزة، تسمع أنين البيوت المهدمة وتُبصر النجوم التي تضيء السماء وكأنها تواسي أهلها. يُقال إن الظلام يسبق النور دائمًا، وغزة تعرف هذا جيدًا، فهي تعيش على أمل الفجر الذي سيأتي، ولو بعد حين.


غزة ليست مجرد مكان نُحزن عليه، بل هي درسٌ لنا جميعًا: كيف يمكن للأمل أن ينمو حتى في أصعب الظروف، وكيف يمكن للإنسان أن يظل متمسكًا بالحياة، مهما حاولت الحرب أن تُطفئه.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟