عودة النازحين من جنوب غزة إلى الشمال: أمل يتجدد وسط التحديات
لا يوجد وصف شعور من عاش تجربة النزوح إلا بكلمات تحمل معها الألم والحنين معًا. النازحون من شمال غزة إلى جنوبها هم أناس حملوا على أكتافهم ذكرياتهم وتركوا خلفهم بيوتهم التي كانت شاهدة على لحظاتهم الجميلة والصعبة. واليوم، مع بدء الحديث عن عودتهم إلى الشمال، يختلط الفرح بالخوف، والأمل بالقلق.
عندما غادر أهل الشمال ديارهم بسبب الظروف القاسية، كان الخوف من المجهول هو الرفيق الدائم. كانوا يعلمون أن العودة ليست مضمونة، وأن كل خطوة تأخذهم بعيدًا عن منازلهم هي خطوة تزيد من صعوبة الرجوع. لكن رغم كل شيء، ظل الشوق للوطن يسكن قلوبهم، وظلت فكرة العودة حية في عقولهم، كأنها وعد لا يمكن أن يخلفوه.
الآن، مع فتح أبواب العودة، تتوالى الصور والمشاعر. شوارع كانوا يعرفونها حجراً حجراً، أبواب بيوتهم التي ربما صارت أطلالاً، وجيران لم يتبقَّ منهم إلا الذكريات. العودة ليست فقط جسدياً إلى المكان، بل هي استعادة للهوية والانتماء الذي لم يفقدوه يوماً.
لكن الواقع يفرض نفسه، والعودة ليست خالية من التحديات. هناك منازل دُمرت وأخرى تحتاج إلى ترميم، وهناك بنى تحتية تحتاج إلى إعادة بناء. فوق ذلك، يواجه العائدون مخاوف من المستقبل؛ هل ستكون الأوضاع آمنة؟ هل سيتمكنون من استئناف حياتهم كما كانت؟
ومع كل هذه التحديات، يظهر جانب آخر من القصة: صلابة الإنسان الفلسطيني. هذا الإنسان الذي أثبت مراراً وتكراراً قدرته على إعادة البناء وسط الخراب، وعلى زرع الحياة حيث يبدو أن الموت هو السائد.
العودة ليست مجرد قرار، بل هي فعل مقاومة وصمود. هي رسالة للعالم بأن الفلسطينيين لن يتخلوا عن أرضهم مهما كانت الظروف. وبين تحديات الحاضر وآمال المستقبل، يستمر النازحون العائدون في كتابة فصل جديد من قصتهم، قصة شعب لا يعرف اليأس، حتى في أحلك اللحظات.
كل خطوة نحو الشمال تحمل بين طياتها وجع الرحيل الأول، لكنها أيضاً تحمل أملاً كبيراً بأن الغد سيكون أفضل.
Comments
Post a Comment