غزة… مدينة تنبض بالحياة رغم الألم



حين أذكر غزة، يخطر ببالي مزيج متناقض من المشاعر. هي مدينة تعيش بين القسوة والفرح، بين الحصار والأمل، بين الدمار والحياة. غزة ليست مجرد اسم على الخريطة، بل هي قصة مقاومة لا تنتهي، وشعلة لا تنطفئ، رغم كل ما يحيط بها من تحديات.


زرت غزة في خيالي آلاف المرات، أتنقل بين أزقتها، أستمع إلى ضحكات أطفالها وهم يلعبون بين الأنقاض، وأشاهد نساءها وهنّ ينسجن أحلامًا من خيوط الصبر. أهل غزة يعلّمون العالم درسًا يوميًا عن الصمود. كيف يمكن للإنسان أن يعيش بأقل القليل، ولكنه يخلق من هذا القليل حياة كاملة، مليئة بالتفاصيل البسيطة التي تجعل كل شيء ذا معنى.


في غزة، يختلط صوت الأمواج على شاطئها برنين أذان المساجد، لتخبرك أن الحياة تستمر مهما كانت الظروف. ترى صياديها وهم يرمون شباكهم في البحر، ليس فقط بحثًا عن رزق، بل كجزء من تحدٍ يومي للحصار. ترى الأطفال يحملون حقائبهم المدرسية، يسيرون نحو مدارسهم التي قد تكون بنيتها مهددة، ولكن عقولهم مليئة بالطموح.


غزة تُذكّرنا بأن الألم يمكن أن يكون مصدرًا للقوة. عندما تنظر في وجوه أهلها، ترى إصرارًا على الابتسامة رغم المآسي. هذه الابتسامة ليست ضعفًا، بل هي رسالة للعالم: “لن نستسلم، نحن هنا لنعيش، لنحب، ولنحلم بغد أفضل”.


كل ما في غزة يعلمك أن الأمل لا يموت أبدًا. وسط الحصار والجدران المغلقة، تنبت زهور صغيرة بين الشقوق. وكل قنبلة تسقط، تُحيي روحًا جديدة تُصر على أن تُكمل الطريق.


غزة ليست مجرد مدينة. غزة هي روح تنبض في كل من يؤمن بالحرية، هي رسالة تقول إن الإنسان أقوى من أي معاناة، وإن الحب والحياة يمكن أن يُهزما الموت، مهما كان قاسيًا.


غزة… سأظل أكتب عنها، لأنها تُشبه قصيدة لم تكتمل بعد. قصيدة نكتبها جميعًا، ونأمل أن يكون ختامها فرحًا وانتصارًا، يعكس جمال هذه المدينة وروحها التي تأبى أن تنكسر.

Comments

Popular posts from this blog

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟

وجهة نظر فتاة من غزة حول أحداث لبنان وتأثيرها على غزة

حماس: "الحكم" الذي جرّ غزة إلى الحرب