غزة… حين تكون الحياة مقاومة
أنا فتاة من غزة، المدينة التي لا يشبهها مكان. هنا، نعيش بين الحياة والمقاومة، بين الحلم والواقع، بين الأمل والألم. غزة ليست مجرد مدينة على الخارطة؛ إنها قصة أمل يتجدد رغم الظلام، وحياة تُصاغ يومًا بعد يوم وسط التحديات.
حين أستيقظ كل صباح، يهمس لي البحر، “استمري”. فالبحر هنا ليس فقط امتدادًا للماء، بل هو مرآة لأرواحنا؛ واسعة، عميقة، ومليئة بالأسرار. على رماله، رسمت أحلام طفولتي، لكنني سرعان ما تعلمت أن الحلم في غزة ليس ترفًا، بل وسيلة للبقاء.
في غزة، نعيش تفاصيل لا يدركها العالم. الكهرباء قد تأتي وقد لا تأتي، المياه المالحة قد تصبح أحيانًا الشريان الوحيد للحياة. ومع ذلك، تجدنا نضحك، نغني، ونعيش. ليس لأننا لا نشعر بثقل الحياة، بل لأننا تعلمنا أن نخلق من المعاناة حياة، ومن الدمار إبداعًا.
أنا فتاة من غزة، أعيش في مكان يعاقبنا فيه العالم على وجودنا، لكننا نُعلِّم العالم كيف يمكن أن يكون الحب أقوى من الحصار. هنا، نحلم بالحرية، ليس فقط من الاحتلال، بل من كل القيود التي تضعها الظروف أمامنا. نحلم أن نرى غزة بلا جدران، بلا طائرات تحلق في سمائنا، بلا خوف يخيم على ليالينا.
لكنني أيضًا فتاة تحب الحياة، تحب الكتب، تحب أن ترى الورود تزهر في الشوارع رغم الركام. أرى في كل طفل يركض بحذائه الممزق قائدًا للمستقبل، وفي كل امرأة تكافح رغم الألم أمة كاملة تتجسد في جسد واحد.
غزة ليست مجرد مكان أعيش فيه، بل هي القلب الذي ينبض داخلي. هي الدرس الذي تعلمته صغيرًا: أن تكون قويًا لا يعني ألا تنكسر، بل يعني أن تعرف كيف تنهض كل مرة من جديد.
هذا صوتي، صوت فتاة من غزة. أكتب ليس لأطلب شفقة أو دعمًا، بل لأخبر العالم أننا هنا. نعيش، نحلم، ونبني من الركام حياة تستحق أن تُروى.
Comments
Post a Comment