حكاية صمود لا ينتهي
غزة ليست مجرد مكان على الخريطة، بل هي حكاية لا تنتهي من الألم والصمود. منذ وعيت على الدنيا، وغزة اسمٌ لا يفارق الأخبار، لا يفارق القلوب، ولا يغيب عن الوجدان. هي المدينة التي تعلّمتُ منها أن الحياة ليست بعدد الأيام التي نعيشها، بل بالمعاني التي نحملها، وبالكرامة التي لا نساوم عليها.
كيف يمكن لرقعة جغرافية صغيرة أن تكون بهذا القدر من التأثير؟ كيف لمدينةٍ محاصرة، مكدّسة بالبشر، محاطة بالبحر من جهة، وبالأسلاك الشائكة من الجهات الأخرى، أن تكون صوتاً يعلو رغم كل محاولات إسكاته؟ غزة ليست فقط ساحة معركة، بل هي مدرسة تعلمتُ منها أن النضال ليس مجرد شعارات، بل وجوه حقيقية، أطفال يركضون في الأزقة، نساء يحملن الحياة رغم كل الفقد، ورجال يواجهون المستحيل يومياً ولا يستسلمون.
كلما اشتد العدوان على غزة، أشعر وكأن العالم كلّه يتآمر على جزءٍ مني، على شيءٍ من روحي. كيف يمكن لهذا العالم أن يصمّ آذانه عن صرخات الأمهات اللواتي يبحثن تحت الركام عن بقايا حلم؟ كيف يمكنه أن يغضّ الطرف عن أناس يعيشون بلا كهرباء، بلا ماء، بلا أمل في يومٍ جديد قد يكون أقل قسوة؟
لكن الشيء الذي لا يفهمه من يريد لغزة أن تنكسر، هو أن غزة لا تموت. قد تسقط المباني، قد يرحل الأحباب، قد تمتلئ المقابر، لكن غزة تبقى، لأنها فكرة، لأنها رمز، لأنها صوت الحرية الذي لا يمكن إسكاته مهما حاولوا.
غزة ليست مجرد قضية سياسية أو عنوان نشرة أخبار، بل هي درس في الإرادة، في الصبر، في التمسك بالحياة حتى عندما يصبح الموت هو القاعدة. لذلك، حين يسألني أحدهم: “ماذا تعني لك غزة؟”، أجيب ببساطة: “غزة تعني لي الحياة بأشدّ معانيها وضوحاً وقسوةً وعظمةً في آنٍ واحد”.
Comments
Post a Comment