غزة مدينة تحب الحياة

 


غزة ليست مجرد مكان على الخريطة، وليست مجرد أخبار عابرة نسمعها ثم ننساها. غزة وجع دائم، وأمل متجدد، وصمود يحفر في الذاكرة كما تحفر الأمواج في الصخور. عندما أفكر في غزة، لا أرى فقط المباني المدمرة ولا الدخان المتصاعد من البيوت، بل أرى وجوهًا لا تنحني رغم كل شيء، وأصواتًا تنادي بالحياة وسط الركام.


غزة مدينة تحب الحياة، رغم أنها تعيش على حافة الموت كل يوم. في شوارعها ترى الأطفال يلعبون، كأن السماء لم تمطر قنابل يومًا، وترى الباعة ينادون على بضاعتهم وكأن الحصار لم يقطع أرزاقهم. هناك في غزة، تعلم الناس أن الفرح مقاومة، وأن الابتسامة في وجه الألم نوع من الانتصار.


لكن غزة ليست فقط صورة للصمود، بل هي أيضًا جرح مفتوح. كيف يمكن لمدينة أن تعيش بهذا الكم من الألم ثم تستيقظ في الصباح لتكمل حياتها؟ كيف يمكن لأم أن تودع أبناءها وتظل واقفة؟ كيف يمكن لطفل أن يحلم بمستقبل في مدينة محاصرة؟


في غزة، الوقت ليس كما نعرفه. هناك، العمر يقاس بعدد النجاة من الغارات، والأحلام توضع في خانة “ربما”، والحياة تساوي معجزة يومية. ومع ذلك، رغم كل شيء، لا تزال غزة تعلّمنا درسًا في الحب. حب الأرض، حب الحرية، وحب البقاء رغم كل المحاولات لاقتلاعها من الحياة.


ربما لا تكفي الكلمات لوصف غزة، وربما لا تستطيع أي لغة أن تنقل إحساس من يعيش هناك، لكن يكفي أن نعرف أن غزة ليست مجرد مكان، بل هي روح، والروح لا تُكسر.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟