غزة… الحلم الذي يسكنني

 

أنا فتاة من غزة، ولدتُ بين شوارعها، وكبرتُ على وقع أمواج بحرها، أحفظ أزقتها كما يحفظ القلب نبضاته، وأتنفس هواءها المشبع برائحة الياسمين الممزوجة بحكايات الصمود. غزة ليست مجرد مكان أعيش فيه؛ إنها جزء من روحي، بل هي الروح كلها.


كبرتُ وأنا أرى كيف تُهدم الأحلام أمام عيني، وكيف يُعاد بناؤها من جديد كأنها عنقاء تنهض من رمادها كل مرة. رأيتُ بيوتًا تتهاوى، لكني رأيتُ أيضًا إرادة لا تهزم، وأيدٍ ترفع الحجارة لتبني، وعقولًا تحلم بمستقبل مختلف، وأنا واحدة منهم… فتاة من غزة تحلم بتعميرها.


أحلم بغزة مختلفة، غزة تملؤها الحدائق بدلاً من الأنقاض، وتضيئها المصابيح بدلاً من الظلام. أريد جامعات لا يعيقها الحصار، ومكتبات تفيض بالكتب لا بالحكايات الحزينة. أريد مستشفيات مجهزة، وشوارع آمنة، وأطفالًا يعرفون اللعب أكثر مما يعرفون الخوف.


أتخيل نفسي يومًا ما أشارك في بناء هذه المدينة، ربما كمهندسة تضع حجرًا فوق حجر، أو كاتبة توثق تاريخًا مليئًا بالصمود، أو معلمة تزرع الأمل في عيون الصغار. لا يهم كيف، المهم أن أكون جزءًا من هذا الحلم، أن أكون ممن يعيدون لغزة الحياة التي تستحقها.


في كل مرة أسمع فيها عن دمار جديد، لا أنكر أن الحزن ينهشني، لكني أتمسك بحلمي أكثر، لأن غزة ليست مجرد مكان، غزة فكرة، غزة حكاية لا تنتهي، وغزة… تستحق أن نحلم بها، ونحلم لها.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟