غزة بين الأمل والمخاوف: هل عرض حماس لتسليم الأسرى خطوة نحو الحل أم ورقة في لعبة السياسة؟

غزة، المدينة التي أنهكتها الحروب والحصار، تجد نفسها اليوم أمام مشهد آخر يثير القلق والتساؤلات. عرض حماس الأخير بشأن تسليم الأسرى الإسرائيليين يفتح بابًا واسعًا للتحليل والشكوك، ليس فقط بسبب تعقيدات المفاوضات، ولكن أيضًا بسبب تداعياته المحتملة على واقع القطاع ومستقبل القضية الفلسطينية.


لطالما كانت مسألة الأسرى ورقة تفاوضية حساسة، تُستخدم لكسب مكاسب سياسية أو تحقيق انفراجات في المشهد الفلسطيني المأزوم. لكن هذه المرة، يبدو أن العرض الذي قدمته حماس محاط بهالة من الغموض. هل هو بالفعل خطوة نحو إنهاء الحرب والحدّ من معاناة المدنيين، أم أنه جزء من لعبة سياسية معقدة، تُستخدم فيها ورقة الأسرى لمناورة إقليمية ودولية؟


القلق هنا ينبع من عدة عوامل. أولها أن غزة، التي تعاني من كارثة إنسانية غير مسبوقة، قد تجد نفسها مرة أخرى رهينة لمتغيرات خارج إرادتها. هناك مخاوف من أن أي اتفاق قد يُستغل لإطالة أمد المعاناة، أو أن يكون محدودًا في تأثيره، بحيث لا يؤدي إلى رفع الحصار أو تحسين الوضع الإنساني، بل فقط لتغيير موازين القوى.


من جهة أخرى، إسرائيل بدورها تلعب أوراقها بحذر شديد. فهي لا تريد أن تظهر بموقف الضعيف، لكنها تواجه ضغطًا داخليًا هائلًا من عائلات الأسرى الذين يطالبون بإعادتهم بأي ثمن. الحكومة الإسرائيلية، المنقسمة بين تيارات متشددة وأخرى براغماتية، قد ترى في أي اتفاق محتمل فرصة لتعزيز موقفها، أو على العكس، تجد فيه تهديدًا لتوازناتها الداخلية.


ومع ذلك، فإن الأهم من كل ذلك هو مصير سكان غزة أنفسهم. فبينما تجري المفاوضات في الغرف المغلقة، يواصل الناس هناك البحث عن حياة وسط الدمار، ويترقبون بقلق أي خطوة قد تعيد لهم بصيصًا من الأمل أو تغرقهم في فصل جديد من الألم. السؤال الذي يبقى مطروحًا: هل سيأتي اليوم الذي تُعامل فيه غزة كقضية إنسانية قبل أن تكون ورقة تفاوضية في صراعات السياسة والحرب؟

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟