رمضان في خيمتي

أنا فتاة من غزة، وأعيش في خيمة صغيرة أصبحت عالمي منذ أن فقدنا بيتنا. عندما يأتي رمضان، أشعر أن كل شيء يتغير، حتى في ظل الألم والحرمان، يبقى لهذا الشهر الكريم نكهة خاصة، ورائحة تملأ القلوب بالصبر والتفاؤل.


مع غروب الشمس، تبدأ رحلتنا مع الإفطار. لا مائدة فاخرة، فقط بعض التمر وكوب من الماء نقتسمه بمحبة. أمي تحاول أن تصنع لنا أطباقًا تذكرنا برمضان الماضي، لكنها اليوم أبسط بكثير. ومع ذلك، لا يزال لطبق العدس ورائحة الخبز الحافي الذي نخبزه على النار طعم لا يضاهى.


في الليل، تضاء خيمتنا بنور خافت، وأجلس مع إخوتي نستمع إلى قصص أمي عن رمضان أيام زمان، حين كنا نجتمع حول مائدة مليئة بالمأكولات ونخرج بعد التراويح لنشتري القطايف. الآن، لا محلات ولا أضواء ولا زينة تملأ الشوارع، لكننا نصنع أجواءنا الخاصة، نضيء فانوسًا صغيرًا، ونتشارك الضحكات رغم كل شيء.


السحور هو تحدٍّ آخر، فنحن لا نملك ما يكفي من الطعام، ولكننا نحاول أن نقنع أنفسنا بأن القليل يكفي، وأن الأجر في الصبر أكبر. ورغم كل المشقة، لا نفوّت صلاة الفجر، نجتمع وندعو الله أن يبدل حالنا إلى حال أفضل، وأن يمنحنا القوة لنواصل.


رمضان هذا العام ليس كما كان، لكنه يعلمني معنى الصبر والقناعة، يعلمني أن الإيمان لا تحدّه جدران، وأن الفرحة الحقيقية تكمن في العائلة، في دفء الدعوات، وفي الأمل الذي لا ينطفئ مهما اشتدت العتمة.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟