عندما تسقط الأقنعة: عن الانقسامات الداخلية ومشهد الفوض
أنا فتاة من غزة، أكتب هذه الكلمات وسط الفوضى التي لم تعد تقتصر على دمار الحرب والقصف، بل امتدت إلى أعماق ما كنا نظنه متماسكًا، إلى التيارات التي لطالما قدمت نفسها كصاحبة مشروع موحد. لكن الحقيقة أن ما يجري اليوم يفضح واقعًا مختلفًا تمامًا، حيث تنقلب الجبهات على بعضها، وتسقط الأقنعة تباعًا.
قبل سنوات، كنا ننظر إلى الجماعة على أنها كيان واحد، حتى لو اختلفت الأساليب والرؤى. لكن الأحداث الأخيرة كشفت أن الانقسام لم يعد مجرد تباين في وجهات النظر، بل أصبح صراعًا مكشوفًا بين مراكز القوى داخل الجماعة نفسها، خاصة بين “جبهة تركيا” و”جبهة لندن”، حيث لم تعد الخلافات تُحلّ خلف الأبواب المغلقة، بل أصبحت مادةً للتهكم والتراشق العلني.
المشهد الأكثر إثارة للسخرية كان عندما خرج القائم بالأعمال، صلاح عبد الحق، برسالةٍ يفترض أنها تمثل قيادة الجماعة في هذه اللحظة العصيبة. لكن بدل أن تحظى الرسالة بقبول واحترام، أصبحت موضع استهزاء واسع بسبب الأخطاء اللغوية وركاكة الأسلوب، وكأنها تعبيرٌ رمزي عن حالة التردي التي وصلت إليها القيادة. كيف يمكن لمن يعجز عن صياغة خطاب متماسك أن يقود مشروعًا يُفترض أنه يحمل رؤية لملايين الناس؟
في غزة، نحن نعيش وسط رماد الصراعات الكبرى، لكننا نفهم جيدًا أن الهزيمة لا تأتي فقط من الخارج، بل من الداخل أيضًا. وحين تنقلب الجبهات على بعضها، وتتحول صراعات النفوذ إلى مادة للفضائح، يدرك الجميع أن القضية لم تعد قضية مبادئ، بل مجرد صراع على السيطرة.
ربما كانت هذه النهاية متوقعة، فالجماعات التي تعجز عن إصلاح ذاتها، لا يمكنها أن تدّعي قدرتها على إصلاح العالم
Comments
Post a Comment