الانقسامات الداخلية وانقلاب جبهة تركيا على جبهة لندن: صراع المصالح وضياع المبادئ




 أنا فتاة من غزة، أنتمي إلى أرض لم تعرف يومًا الاستقرار، لكن رغم الاحتلال والحصار، لم أتوقع أن أرى هذا المشهد في صفوف من يفترض أنهم أصحاب رسالة. منذ فترة، بدأت أتابع الانقسامات الداخلية في جماعة الإخوان المسلمين، وخصوصًا بين ما يُعرف بجبهة تركيا وجبهة لندن، حيث تصاعد الخلاف إلى حد التراشق العلني والاستهزاء المتبادل، وكأننا أمام مشهد سياسي رخيص، وليس أمام جماعة ترفع شعارات كبرى.


جبهة تركيا، التي تمثل القيادات المقيمة هناك، لم تعد تخفي رفضها لسلطة جبهة لندن بقيادة صلاح عبد الحق، “القائم بأعمال المرشد العام”. هذا الرجل، الذي كان يفترض أن يكون رمزًا للوحدة والتماسك، تحول إلى مادة للسخرية بسبب رسائله الركيكة وأخطائه اللغوية، وكأن أزمة الجماعة باتت تُختزل في أسلوبه الكتابي لا في انقساماتها العميقة. رأيت التعليقات الساخرة، والنقد اللاذع الذي لم يكن سياسيًا فقط، بل شخصيًا ومهينًا في كثير من الأحيان.


لكن بصراحة، هل المشكلة في ركاكة البيان أم في ركاكة المشروع برمّته؟ هل الصراع الآن بات على من يتصدر المشهد، أم على أي مشروع يمكن أن يكون فاعلًا في الواقع؟ رأيت بعضهم يهاجم عبد الحق وكأنه أصل الأزمة، بينما الحقيقة أن الانقسام بين الجبهتين ليس جديدًا، بل هو نتيجة تراكمات من المصالح المتضاربة، والخلافات حول الولاءات والتحالفات.


الأزمة هنا ليست مجرد صراع على السلطة، بل هي انعكاس لانفصال الجماعة عن واقعها. كيف لجماعة كانت تدّعي أنها تمتلك مشروعًا حضاريًا أن تسقط في صراعات داخلية بهذا الشكل؟ كيف تحوّلت من حركة عابرة للحدود إلى فصائل متناحرة بين تركيا ولندن؟


بالنسبة لي، كفتاة فلسطينية نشأت وسط المعاناة، لا أجد فرقًا كبيرًا بين انقسامات هذه الجماعة وبين الانقسامات التي شتّتت قضيتنا الوطنية. في النهاية، كل هذه الصراعات تدور في فلك المصالح، وليس في فلك المبادئ. والمبادئ، حين تسقط، لا يمكن أن تعود بيانات جوفاء أو بيانات مصاغة بأسلوب قوي أن تعيد إحيائها.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟