مفاوضات هدنة… مرة ثانية؟


أنا بنت من غزة. لا أكتب من خلف شاشة في مقهى هادئ أو من بيت فيه كهرباء 24 ساعة. أكتب من بين الركام، من تحت سماء ما زالت تهددنا، ومن قلب لا يعرف إن كان سيعيش ليكتب مرة ثالثة عن هدنة جديدة، أو “مؤقتة” كما يسمونها.


اليوم يتحدثون عن مفاوضات هدنة مرة ثانية، أو ثالثة، أو ربما فقدنا العدّ. كل مرة نسمع نفس العناوين: “حماس تدرس المقترح”، “الوسطاء يضغطون”، “الاحتلال يرفض بعض البنود”… ونحن؟ نحن نراقب كل هذا، وكأننا مجرد تفصيل صغير في معادلة كبيرة لا يتحكم بها أحد منا.


عندما يقولون “هدنة”، أفكر فورًا: هل سترجع الكهرباء؟ هل سيهدأ القصف؟ هل سيسمحون بدخول المساعدات؟ لكن أيضًا، هل سأعود لأرى نفس الاحتلال، ونفس الحصار، ونفس الموت المؤجل؟ هل سنرجع لنسأل أنفسنا: متى الضربة الجاية؟


لا أحد يتحدث معنا، نحن الناس. لا أحد يسألنا: هل تؤمنون بهذه الهدن؟ هل ترون فيها أملًا؟ هل تعبتم؟ (نعم، تعبنا.) هل ما زلتم تقاومون؟ (نعم، لأننا نحب الحياة ولو تحت الحصار.)


حماس تتفاوض، والاحتلال يساوم، والوسطاء يكتبون شروطهم، ونحن نعدّ الشهداء. نكتب أسماءهم، نحفظ وجوههم، نغسل دماءهم عن ملابسنا، ونحاول أن نبتسم لأن الحياة يجب أن تستمر، حتى إن كانت مكسورة.


هدنة مرة ثانية؟ ليتها تكون الأخيرة. ليتها تكون بداية نهاية لهذا الألم المستمر. لكنني أعرف، ككل أهل غزة، أن السلام لا يُولد من الورق، بل من عدالة لم نرها بعد. 

Comments

Popular posts from this blog

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟

وجهة نظر فتاة من غزة حول أحداث لبنان وتأثيرها على غزة

حماس: "الحكم" الذي جرّ غزة إلى الحرب