من غزة… إلى أخوان الأردن من يحاكمون العروبة

 

أنا فتاة من غزة. من تحت الركام، من بين الغبار، من قلب الليل الذي لا ينام على صوت القذائف، أكتب. لست بحاجة لوصيّة، ولا لوصي، ولا لجماعة سياسية تتحدث باسمي، وكأنها تملك توكيلًا من دمي.


قرأت بيان ما يُعرف بجبهة لندن التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، بشأن الاعتقالات الأخيرة في الأردن، ووجدت فيه ما يدفعني للكلام. لا، ليس لأنني مع اعتقال أي إنسان فقط لأنه عبّر عن رأيه أو تضامن مع غزة، بل لأنني ضد استغلال غزة كورقة في لعبة سياسية لا تهمها حياتنا، بل تخدم مصالحها.


الإخوان الذين يتحدثون عن “شرف دعم المقاومة” نسوا – أو تناسوا – أن غزة لم تكن يومًا جزءًا من معركتهم الحزبية، بل ضحية لها أحيانًا. المقاومة التي نتحدث عنها هنا، هي مقاومة تُولد من الحصار، من الجوع، من الطفل الذي يحمل حجراً لا بياناً. أما “دعمكم” فهو غالبًا ميكروفونات وصور، وخطابات تُلقى من عواصم بعيدة لا تعرف كيف يبدو المساء تحت الطائرات.


كيف تجرؤون على الحديث عن “حب الأوطان” وأنتم أول من فرّط بها حين تعارضت مع مصالح جماعتكم؟ كيف تزايدون على الشعوب، وأنتم أول من استخدم القضية الفلسطينية كجسر إلى الحكم؟ نحن نعرف من معنا حقًا، من يرسل الدواء بصمت، من يفتح بيته لنا، من يقف في وجه قمع حقيقي دون أن يطالبنا بالولاء لحزبه.


غزة ليست غنيمة سياسية. نحن لا نحتاج إلى من يصدر بيانات من الخارج، يدين ويشجب ثم يعود لينام في هدوء. نحتاج من يصمت إذا لم يكن لديه ما يقدمه سوى الشعارات.


أما الشعوب العربية، فهي لم تنتظر إذنكم لتكون مع فلسطين. هي مع فلسطين رغم عنكم، لا بسببكم.


لذا، دعوني أقولها بوضوح:

لا تتحدثوا باسم غزة.

لا تتاجروا باسم المقاومة.

ولا تظنوا أن بياناتكم تمنحكم شرفًا لم تستحقوه.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟