أنا من غزة… وهذه حكايتي في الخيمة
اسمي رنيم، عمري 27 سنة. لا أعرف من أين أبدأ، فالكلمات تضيق حين أريد أن أصف ما نعيشه. أنا فقط فتاة من غزة، خُطفت منها الحياة التي كنت أحلم بها، وتركتني الحرب في خيمة، تحت شمس تحرق أكثر من الجلود، تحرق الكرامة.
كنا نعيش في بيت صغير في حي الشجاعية. لم يكن بيتًا فخمًا، لكنه كان دافئًا، مليئًا بصوت أمي وهي تطبخ، وضحكات إخوتي الصغار. كان لنا جدران تحمينا، وسقف ننام تحته، ومدرسة أمشي إليها كل صباح. الآن… كل هذا صار ذكرى.
حين اشتدت الحرب، اضطررنا للهرب، كنا نمشي ولا نعرف إلى أين. انتهى بنا المطاف في هذه الخيمة، على رمال قاسية، لا شيء يحمينا من لهيب الشمس ولا من لسعات البرد ليلًا. الحر لا يُطاق، والناس من حولي أنهكتهم الحاجة. الماء الساخن مثل الدم المغلي، والطعام إن وجد، فهو لا يسد رمق الجوع.
أستيقظ كل صباح على صوت بكاء طفل، أو صراخ امرأة تبحث عن ظل. أنظر حولي فأرى وجوهًا متعبة، وعيونًا لا تنام. في الليل، لا أسمع سوى أنين الصامتين، الذين تعبوا من الشكوى ولم يعد لديهم كلام.
أفتقد سريري، ودفتر مذكراتي، وحتى مرآتي الصغيرة التي كنت أصفف شعري أمامها. أفتقد المدرسة، صديقاتي، وفسحة الضحك. كل شيء سرقته الحرب، حتى الأمل بات شيئًا بعيدًا.
أكتب اليوم ليس لأحكي فقط، بل لأقول إننا بشر، وإننا نستحق أكثر من خيمة، وأكثر من هذه الحياة التي تشبه الموت البطيء. أريد أن أعيش، أن أتعلم، أن أحلم من جديد، بعيدًا عن الخوف والجوع والحر.
أنا رنيم، من غزة… ولست رقمًا في نشرة الأخبار.
Comments
Post a Comment