أنا من غزة… والباقي حكاية صمود
أنا فتاة من غزة. اسمي لا يهم بقدر ما تهمّ حكايتي. أنا من تلك البقعة الصغيرة التي ترسمها الأخبار بالحزن، لكننا نرسمها بالحياة، رغم كل شيء. أعيش في مدينة يعرفها العالم بالحرب، لكني أعرفها بالحب، بالضحكة المخبأة رغم الدمار، وبالشمس التي تشرق كل صباح كأنها تقول لنا: “أنتم ما زلتم هنا… إذًا فأنتم أقوياء.”
نشأت في بيتٍ يعلم جيدًا كيف يُخفي الخوف بابتسامة، وكيف يُحيلُ الخبز اليابس إلى وليمة حين تشتدّ الأيام. عشتُ أيامًا تنقطع فيها الكهرباء لساعات طويلة، لكننا نحفظ القصص على ضوء الشموع. تعلّمتُ أن أكتب واجباتي على ضوء هاتف، وأن أحلم بمستقبلٍ رغم أن السماء فوقنا ليست دائمًا زرقاء… بل أحيانًا رمادية بفعل الطائرات.
غزة ليست فقط صواريخ وأخبار عاجلة. غزة أمّي التي تُعدّ الطعام بيدٍ وتدعو لنا بيدٍ أخرى. غزة أختي التي تحلم أن تسافر لتكمل تعليمها، لكنها تعود كل ليلة إلى واقعها ولا تزال تبتسم. غزة جدتي التي علّمتني أنّ الجرح لا يُبكي بل يُصلي، وأنّ من يولد هنا يُولد بمئة قلب.
أحبُّ غزة رغم قسوتها. أحبها لأن فيها من الحب ما يكفي ليُداوي العالم كله. أحبها لأنها علّمتني أن أكون قوية، أن أواجه، أن لا أخجل من دمعتي، لكن لا أسمح لها أن تسقط أمام من يُريد أن يراني ضعيفة.
أنا فتاة غزّاوية. حلمي بسيط: أن أعيش يومًا دون قلق، أن أستيقظ على صوت عصفور لا طائرة، أن أخطّط لمستقبلي دون أن أُعيد حساباتي بعد كل تصعيد. أحلم أن أكون كما أريد، لا كما تُجبرني الظروف.
وغزة؟ ستبقى، لأنها ليست مدينة فقط… بل روح تسكن كل من وُلد فيها، وكل من أحبّها، وكل من آمن بأن في هذا الركن من الأرض، تنبت الحياة رغم كل شيء.
Comments
Post a Comment