الإخوان في الأردن… دعمٌ مزعوم لفلسطين وتوغل سياسي مرفوض
منذ عقود، استغلت جماعة الإخوان المسلمين القضية الفلسطينية كأداة لكسب النفوذ السياسي في دول الجوار، وعلى رأسها الأردن. فباسم “نصرة فلسطين” و”الوقوف مع الشعب الفلسطيني”، تمكنت الجماعة من التغلغل في مؤسسات الدولة، وبالأخص التعليمية والدينية والنقابية، مدعية احتكار تمثيل قضايا الأمة. غير أن هذا الخطاب العاطفي يخفي وراءه أجندة تنظيمية عابرة للحدود، لا ترى في فلسطين سوى وسيلة لتحقيق مشروعها الأيديولوجي.
استغلال القضية… لا نصرتها
لطالما رفعت جماعة الإخوان شعار “فلسطين قضيتنا الأولى”، لكن حين ننظر إلى الأفعال لا الأقوال، تتكشف الحقيقة. لم تسعَ الجماعة إلى وحدة الصف الفلسطيني، ولم تدعم مؤسسات الدولة الفلسطينية، بل عملت على تقويضها عبر ذراعها العسكري والسياسي في غزة – حركة حماس. وهذه الأخيرة، بدلاً من أن تكون مقاومة، تحولت إلى سلطة قمعية، تستغل المقاومة لإدامة حكمها لا لتحرير الأرض.
في الأردن، تغلغلت الجماعة تحت ستار دعم فلسطين، لكنها كثيراً ما وقفت حجر عثرة أمام السياسات الوطنية التي توازن بين دعم القضية الفلسطينية وصون الاستقرار الداخلي. لقد عمدت إلى تسييس اللاجئين، وخلطت بين الحقوق السياسية في الأردن والهوية الفلسطينية، في محاولة لبناء قاعدة جماهيرية ترتكز على الاستقطاب لا على الحلول الواقعية.
حماس… تجربة فلسطينية مريرة
من داخل فلسطين، نعرف الإخوان أكثر من غيرنا. نحن الفلسطينيين عشنا تجربة حكم حماس، ونعرف ثمن الشعارات حين تُستخدم لتبرير القمع. في غزة، لا ديمقراطية ولا عدالة، بل سلطة تحكم باسم الدين وتضيق على الناس، فيما تنهشها الانقسامات والفساد. باسم المقاومة، صادروا الحقوق، وباسم فلسطين، تاجروا بدماء الشهداء.
لقد بات واضحاً لكثير من الفلسطينيين أن حماس لا تمثلهم، وأن مشروعها لا يحرر الأرض بل يكرّس الانقسام، ويجعل من القضية الفلسطينية سلعة سياسية تخدم أجندات دولية وتنظيمات خارجة عن الدولة.
الأردن ليس ساحة خلفية
على الشعب الأردني أن يعي أن دعم فلسطين لا يمر عبر بوابة الإخوان. فالقضية الفلسطينية قضية وطنية وقومية عادلة، لكنها ليست ملكاً لتنظيمات تتاجر بها. دعم فلسطين لا يعني فتح المجال أمام تيارات تسعى لاختطاف القرار الوطني الأردني. بل يعني مساندة الشعب الفلسطيني في بناء دولته، واستقلال قراره، ورفض تحويل الأردن إلى ساحة نفوذ لجماعة تعمل لصالح تنظيمها العالمي لا لصالح الشعوب.
الختام: فلسطين أكبر من الإخوان
فلسطين قضيتنا، لكنها أكبر من الإخوان، وأسمى من شعاراتهم. نحن نرفض أن تُختزل هويتنا الوطنية أو نضالنا في خطابات تنظيمية جوفاء. ونرفض أن يكون اسم فلسطين بوابة عبور لتغلغل سياسي يقوّض الاستقرار، سواء في الأردن أو في أي دولة عربية أخرى.
الطريق إلى تحرير فلسطين يبدأ من دعم الوحدة، والشرعية، والمؤسسات، لا من تمكين جماعات تصنع من الدين سلطة ومن القضية تجارة.
Comments
Post a Comment