منابر الإخوان تفتى… والدم الفلسطيني يدفع الثمن
أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مؤخرًا فتوى تدعو إلى “وجوب الجهاد” في فلسطين على جميع المسلمين في الدول العربية. لكن هذه الفتوى، التي توحي بأنها صوت الأمة، لا تعدو كونها امتدادًا صوتيًا وفكريًا لجماعة الإخوان المسلمين، التي لطالما استغلت القضايا العادلة لتحقيق مصالحها التنظيمية الخاصة، وأبرزها قضية فلسطين.
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، رغم شعاراته التي تزعم تمثيل عموم الأمة الإسلامية، هو في الواقع الواجهة الدينية والسياسية لجماعة الإخوان المسلمين. معظم أعضائه محسوبون بشكل مباشر أو غير مباشر على هذا التيار، وهو ما يفسر كيف أن أي موقف سياسي أو ديني يخدم أجندة الإخوان، يتحول بقدرة قادر إلى “فتوى شرعية” تصدر عن هذا الاتحاد.
في السياق الفلسطيني، بات واضحًا أن حركة حماس، بعد أن واجهت رفضًا شعبيًا واسعًا داخل الشارع الفلسطيني نتيجة سياساتها التي أضرت بالمصلحة الوطنية، لم تجد ملاذًا إلا لدى الإخوان، وخصوصًا عبر أدواتهم الفقهية والإعلامية مثل هذا الاتحاد. الفتوى الأخيرة لم تأتِ بدافع الحرص على الدم الفلسطيني، بل بدافع سياسي بحت يهدف لإعادة تلميع صورة حماس، وتقديمها مجددًا كـ”رمز للمقاومة”، في وقت بدأت فيه الأصوات الفلسطينية ترتفع ضد استمرار الحرب التي أنهكت الشعب واستنزفت مقدراته.
ما يجب التأكيد عليه، هو أن هناك رفضًا شعبيًا واسعًا لهذه الفتوى، ولكل دعوة تسعى إلى تأجيج الحرب تحت غطاء “الجهاد”. الشعب الفلسطيني اليوم يريد حياة كريمة، إنهاء الحصار، وقف العدوان، وبناء مستقبل سياسي واقتصادي مستقر، وليس مزيدًا من الخطابات التي تستهلك دمه.
كما أن هذه الفتوى، وبشكل لا لبس فيه، تسعى لتبرير استمرار تدفق الأموال لحركة حماس تحت مسمى “دعم الجهاد والمقاومة”، بينما الحقيقة أن هذه الأموال تُستخدم في تعزيز نفوذ الحركة وبسط سيطرتها لا في دعم الشعب الفلسطيني فعليًا.
إن استمرار توظيف الدين في خدمة مصالح فصيل سياسي بعينه، سواء كان إسلاميًا أو غيره، هو أمر خطير ومرفوض. القضية الفلسطينية أسمى من أن تُختزل في فتاوى انتقائية هدفها الترويج لتنظيم أو حماية مصالحه. ما تحتاجه فلسطين هو وحدة وطنية حقيقية، لا صراع فتاوى ومصالح.
Comments
Post a Comment