أنا النازحة… من بيتٍ كان يملكني

 

بدأت الحرب.في البداية، كنا نقول: “ستمر ككل مرة”. جلسنا في البيت نحاول أن نتصرف وكأن شيئًا لا يحدث، لكن كل انفجار كان يكسر قطعة من هذا الادعاء. وعندما سقط الصاروخ على الحي المجاور، قررنا أن نخرج. أمي كانت تبكي بصمت، وأبي كان يحاول أن يبدو قويًا. وأنا؟ كنت أمشي خلفهم حاملة حقيبة فيها صورة عائلية، ودفتر أحلامي.


نزحنا إلى مدرسة. ثم إلى أقارب. ثم إلى لا مكان. صرنا عائلة بلا عنوان، بلا خصوصية، بلا سقف نملكه. كل شيء مؤقت، حتى النوم. حتى الأمل.


في كل مرة ننتقل فيها، أقول لنفسي: “ربما هذه المرة ستكون الأخيرة.” لكن النزوح لا ينتهي. هو لا يشبه السفر، ولا حتى الغربة. هو اقتلاع. هو أن تمشي ومعك ظل بيتك المحترق في قلبك، أن تحمل بقايا حياتك في كيس نايلون.


صوت الطائرات لا يغادر رأسي. ورائحة الخوف لا تزول. صديقتي تمارا نزحت معنا، لكنها فقدت أختها تحت الركام. كانت تنام وهي تمسك بيدي وكأنها تخشى أن أفقد أيضًا.


تعلمت في هذا النزوح أشياء لم أكن مستعدة لها. أن النوم على الأرض قد يكون أفضل من النوم في بيتٍ قد ينهار فوقك. أن الماء النظيف قد يكون حلمًا. أن الأمان ليس شعورًا عاديًا، بل نعمة.


ورغم كل شيء، ما زلت أكتب في دفتري. كتبت قبل أيام:

حين أعود إلى بيتي، سأزرع شجرة عند الباب… لتعرف أنني عدت، وأن الأرض ما زالت تحبنا، رغم كل شيء.”

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟