من غزة إلى العالم: أملٌ عبر الوساطة

 

أنا فتاة من غزة، تلك البقعة الصغيرة على الخريطة التي أنهكتها الحروب وأرهقتها السياسة، أعيش بين جدران تعودت أصوات القصف أكثر مما تعودت صمت الأمان. ربما هذا ما يجعلني أنظر إلى أخبار العالم من زاوية مختلفة — زاوية من جُرِّبت فيها مرارة الحرب وعُرف فيها كم هو ثمين معنى “السلام”.


حين سمعت عن الوساطة الإماراتية بين روسيا وأوكرانيا، لم أقرأ الخبر كتحليل سياسي، بل شعرت به كنبض إنساني. وسط عالمٍ تتسارع فيه القوى وتتقاطع فيه المصالح، أن تقف دولة وتحاول بناء جسر بين طرفين متنازعين هو أمر لا يُستهان به. قد يقول البعض إنها حسابات سياسية، وربما تكون كذلك، لكن في عيون من عاشوا تحت النار، أي جهد يُبذل لإيقاف حرب يستحق الاحترام.


من غزة، نعرف جيداً كيف تبدو المدن حين تتحول إلى أنقاض، ونعرف كيف تُبنى الكراهية بين الشعوب عندما تُشعلها الحروب، لذا فإن أي مبادرة تُعيد شيئًا من الإنسانية إلى المشهد السياسي، تُشعل فينا شيئًا من الأمل، حتى لو كان بعيدًا.


الإمارات، بدورها كدولة تحتفظ بعلاقات متوازنة مع كثير من الأطراف، وجدت نفسها في موقع يمكن أن يصنع فرقًا. إرسال أسرى، فتح ممرات إنسانية، أو حتى مجرد فتح قنوات حوار — كل ذلك قد لا يُنهي الحرب فورًا، لكنه قد يُبقي باب الأمل مفتوحًا.


كغزية، لا أملك ترف الحديث عن توازنات القوى الكبرى، لكنني أملك الحق في الحلم. أحيانًا أغمض عيني وأتخيل طفلة أوكرانية تنام الليلة بلا صوت صواريخ، بفضل اتفاق تم برعاية دولة قررت أن تلعب دور المصلح. وأتمنى، كما تُمنح تلك الطفلة فرصة للسلام، أن تُمنحها كل طفلة في غزة أيضًا.


لسنا بعيدين عن بعض كما نظن. الحرب توحدنا في الألم، فلم لا يوحدنا السلام في الأمل؟

Comments

Popular posts from this blog

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟

وجهة نظر فتاة من غزة حول أحداث لبنان وتأثيرها على غزة

حماس: "الحكم" الذي جرّ غزة إلى الحرب