بطن فاضي وصوت عالي

 

أنا رنيم، بنت من غزة، عمري ٢٧ سنة، وبحكي بهالسطور مش بس عن حالي، عن شعب كامل بعيش القهر كل يوم، وبالأخص هالأيام… لما صار الجوع مش بس وجع، صار هو نفسه الحياة والموت.


من زمان وإحنا بنعاني، بس عمره الجوع ما كان بهالشكل… اليوم ما في لا خبز، ولا مي، ولا حتى بصلة ناشفة. أمي صارت تطبخ مي وملح بس عشان نضحك ونحس حالنا ما زلنا عايشين، وأبوي كل يوم يرجع مكسور من السوق، عارف إنه مش قادر يشتري شي، بس بيضل يلف ويدور يمكن يلاقي شي ببلاش، يمكن حدا يحن.


الناس هون بطلت تسأل: “شو أكلت اليوم؟” صاروا يسألوا: “أكلت اليوم؟”

والأطفال… يا الله عالأطفال، اللي بطلت تبكي من الجوع، لأنهم تعبوا، صارت بطونهم تنفخ والدموع نشفت من عيونهم.

جاري أبو سليم مات من الجوع قبل أسبوع، وهي مرته لسه بتستنّى أي إغاثة توصل، مش إلها، لأولادها الخمسة اللي ما عادوا يقدروا يمشوا من كثر الضعف.


المجاعة بغزة مش بس نقص أكل، هي كسر للكرامة، خنقة للنفس، موت بطيء.

كل يوم منقول يمكن يكون فيه هدنة، يمكن المعابر تفتح، يمكن شاحنة مساعدات تدخل، بس كل يوم بمر نفس الشي… صمت، جوع، وصبر ما إله حدود.


يمكن صوتي ما يوصل، بس الجوع صوته أعلى، بيصرخ من كل زقاق، من كل بيت، من كل أم بتحاول تهده طفلها وتوهمه إنه في أمل، في فطور بكرا…


يا رب، بس بدنا ناكل، بدنا نعيش، بدنا نرجع بشر.

Comments

Popular posts from this blog

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟

وجهة نظر فتاة من غزة حول أحداث لبنان وتأثيرها على غزة

حماس: "الحكم" الذي جرّ غزة إلى الحرب