يوم الجمعة في غزة… كان وما زال يومًا نحبّه، حتى لو تغيّر كل شيء

 

أنا بنت من غزة، ويوم الجمعة بالنسبة إليّ كان دايمًا يوم له طعم خاص… ريحة الزعتر تفوح من البيوت، وصوت والدتي وهي تصحينا بدري علشان نفطر مع بعض، ونستعد لصلاة الجمعة، حتى لو ما كنا نروح كلنا، بس كنا نلبس كأنها مناسبة… وكانت فعلاً مناسبة.


كان الشارع يوم الجمعة مختلف، ريحة الخبز من المخبز القريب، أصوات الأولاد وهم بلعبوا بالفراشات أو الكورة قبل الآذان، والدكاكين الصغيرة اللي تفتح بس شوية… كأن غزة كلها بتاخد نفس عميق وتنسى التعب شوي.


أما الآن… يوم الجمعة صار يمرّ بصمت تقيل.


أحيانًا بنصحى على خبر قصف، أو على دويّ انفجار بعيد بس كأننا حافظينه من كتر ما تكرر. ما عاد في فطور جماعي زي قبل، لأن في حدا ناقص، يمكن استشهد، أو يمكن نازح. الأكل صار أقل، والضحك أخف، والأمل ما بيجي بسهولة.


حتى المساجد… صار في خوف نروح، مش بس من القصف، من الذكرى، من الناس اللي فقدوا أحبابهم، من المقاعد الفاضية.


بس مع هيك، بنظل نحاول نخلق لحظة حلوة… نخبز كعك صغير، نسمع قرآن، نبعث سلام لأهلنا البعيدين. يمكن يوم الجمعة تغيّر، بس إحنا لسا بنحبّه، وبنتذكّر كيف كان، وبنتمناه يرجع.


غزة ما بتموت، حتى في أيام الحرب. ويوم الجمعة فيها، رغم كل شي، بيضل يوم بنحاول نعيشه… عالأقل، نتنفّس فيه شوية سلام، حتى لو وهمي.

Comments

Popular posts from this blog

حماس: بين الوعد والمأساة

ماذا لو لم تقم حماس بطوفان 7 أكتوبر؟

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟