المجاعة في غزة: موت بطيء على مرأى العالم
في غزة، لم تعد الحرب تقتل بالصواريخ فقط، بل بالجوع أيضًا. المجاعة التي تضرب القطاع منذ أشهر، تحولت من كارثة إنسانية إلى جريمة صامتة، تُرتكب على مرأى العالم، دون أن يحرك أحد ساكنًا.
أكثر من مليون فلسطيني في غزة يواجهون خطر المجاعة الحقيقي، لا مجازًا ولا تضخيمًا. العائلات تبحث عن فتات طعام، الأطفال ينامون ببطون خاوية، والأمهات يكتفين بالنظر إلى صغارهن دون قدرة على إطعامهم. حليب الأطفال مفقود، الدواء مفقود، وكل شيء بات نادرًا في مدينة محاصرة من السماء والبر والبحر.
الأمم المتحدة وصفت الوضع بـ”الأسوأ في التاريخ الحديث”، حيث باتت غزة أول منطقة على وجه الأرض مهددة رسميًا بـ”مجاعة مكتملة الأركان”. لكن رغم التقارير والتحذيرات، لا تزال شحنات الغذاء تُمنع، والمساعدات تتعثر، ويُترك الشعب لمصيره.
المجاعة في غزة ليست كارثة طبيعية، بل نتيجة مباشرة للحصار والقصف والدمار المُمنهج. هي سلاح آخر يُستخدم ضد المدنيين، لكنه لا يُحدث ضجيجًا كالقنابل، بل يفتك ببطء، وبصمت، وبقسوة.
طفل يُصاب بسوء تغذية كل ١٠ دقائق، ورضيع يموت لأنه لم يجد قطرة حليب. آلاف الأطفال يعانون من الهزال، وأمهاتهم يتقاسمن قطعة خبز واحدة بين أكثر من خمسة أشخاص. المدارس تحولت إلى ملاجئ، والملاجئ لا تحتوي إلا على الصراخ والانتظار.
في عالمٍ يُقاس فيه كل شيء بالأرقام، غزة تجاوزت كل خطوط الإنذار. لكن العالم، رغم كل هذه الأرقام، اختار أن يغمض عينيه. لا مؤتمرات طارئة، لا تدخلات فورية، لا ضغط حقيقي على من يمنع الغذاء. فقط بيانات شجب، ومواقف باهتة، وعناوين إخبارية تمر مرور الكرام.
المجاعة في غزة ليست مجرد حدث عابر. إنها وصمة عار في جبين الإنسانية، ونذير كارثة أخلاقية تفضح المعايير المزدوجة، وتكشف عن هشاشة الضمير العالمي.
وحتى إشعار آخر، سيبقى أطفال غزة يصارعون الجوع في صمت… بينما العالم يشاهد.
Comments
Post a Comment