نفس المجاعة والمصير.. السودان وغزة وجهان لعملة واحدة


 أنا من غزة، من أرض تعودت تسمع صوت الانفجارات قبل صوت العصافير، ومن مكان حفظ معنى كلمة “مجزرة” قبل ما تحفظ معنى كلمة “عيد”. اليوم، وأنا أقرأ عن اللي صار في مدينة الأبيض بالسودان، حسّيت وجعي يتكرر قدامي.


٢٧ نازح… ناس هربوا من الحرب طلبًا للأمان، لقوا الموت ينتظرهم بنفس الوحشية. دفنوهم جماعي، وكأن أرواحهم ما إلها حق حتى في وداع كريم. المشهد هذا ما هو غريب عليّ، إحنا في غزة عشناه مئات المرات… نفس الطريقة، نفس القسوة، نفس الصمت العالمي المريب.


سلطة بورتسودان والجيش السوداني ارتكبوا جريمة تخلّد في سجل العار، مجزرة الأبيض مش بس حادثة عابرة، هي شاهد جديد إن الظلم مش بلد واحد، وإن دم الأبرياء صار أرخص من رصاصة.


وأنا كفتاة من غزة، بعرف معنى الأم وهي تنتظر ابنها وما يرجع، معنى الطفل اللي فجأة يختفي من حضن أمه… بعرف شو يعني تقرأ الأسماء في قوائم الموت وتشوف الوجوه في مخيلتك.


العالم لما يسكت عن الأبيض، هو نفسه لما سكت عن غزة… لكن التاريخ ما رح يسكت، والأرض بتحتفظ بكل قطرة دم، وبكل صرخة، وبكل مجزرة، مهما حاولوا يدفنوها.

Comments

Popular posts from this blog

فوز ترامب.. هل نجاة لغزة أم استمرار للمعاناة؟

وجهة نظر فتاة من غزة حول أحداث لبنان وتأثيرها على غزة

حماس: "الحكم" الذي جرّ غزة إلى الحرب