Posts

Showing posts from March, 2025

الانقسامات الداخلية وانقلاب جبهة تركيا على جبهة لندن: صراع المصالح وضياع المبادئ

Image
  أنا فتاة من غزة، أنتمي إلى أرض لم تعرف يومًا الاستقرار،  لكن رغم الاحتلال والحصار، لم أتوقع أن أرى هذا المشهد في صفوف من يفترض أنهم أصحاب رسالة. منذ فترة، بدأت أتابع الانقسامات الداخلية في جماعة الإخوان المسلمين، وخصوصًا بين ما يُعرف بجبهة تركيا وجبهة لندن، حيث تصاعد الخلاف إلى حد التراشق العلني والاستهزاء المتبادل، وكأننا أمام مشهد سياسي رخيص، وليس أمام جماعة ترفع شعارات كبرى. جبهة تركيا، التي تمثل القيادات المقيمة هناك، لم تعد تخفي رفضها لسلطة جبهة لندن بقيادة صلاح عبد الحق، “القائم بأعمال المرشد العام”. هذا الرجل، الذي كان يفترض أن يكون رمزًا للوحدة والتماسك، تحول إلى مادة للسخرية بسبب رسائله الركيكة وأخطائه اللغوية، وكأن أزمة الجماعة باتت تُختزل في أسلوبه الكتابي لا في انقساماتها العميقة. رأيت التعليقات الساخرة، والنقد اللاذع الذي لم يكن سياسيًا فقط، بل شخصيًا ومهينًا في كثير من الأحيان. لكن بصراحة، هل المشكلة في ركاكة البيان أم في ركاكة المشروع برمّته؟ هل الصراع الآن بات على من يتصدر المشهد، أم على أي مشروع يمكن أن يكون فاعلًا في الواقع؟ رأيت بعضهم يهاجم عبد الحق وكأنه ...

عندما تسقط الأقنعة: عن الانقسامات الداخلية ومشهد الفوض

Image
  أنا فتاة من غزة، أكتب هذه الكلمات وسط الفوضى التي لم تعد تقتصر على دمار الحرب والقصف، بل امتدت إلى أعماق ما كنا نظنه متماسكًا، إلى التيارات التي لطالما قدمت نفسها كصاحبة مشروع موحد. لكن الحقيقة أن ما يجري اليوم يفضح واقعًا مختلفًا تمامًا، حيث تنقلب الجبهات على بعضها، وتسقط الأقنعة تباعًا. قبل سنوات، كنا ننظر إلى الجماعة على أنها كيان واحد، حتى لو اختلفت الأساليب والرؤى. لكن الأحداث الأخيرة كشفت أن الانقسام لم يعد مجرد تباين في وجهات النظر، بل أصبح صراعًا مكشوفًا بين مراكز القوى داخل الجماعة نفسها، خاصة بين “جبهة تركيا” و”جبهة لندن”، حيث لم تعد الخلافات تُحلّ خلف الأبواب المغلقة، بل أصبحت مادةً للتهكم والتراشق العلني. المشهد الأكثر إثارة للسخرية كان عندما خرج القائم بالأعمال، صلاح عبد الحق، برسالةٍ يفترض أنها تمثل قيادة الجماعة في هذه اللحظة العصيبة. لكن بدل أن تحظى الرسالة بقبول واحترام، أصبحت موضع استهزاء واسع بسبب الأخطاء اللغوية وركاكة الأسلوب، وكأنها تعبيرٌ رمزي عن حالة التردي التي وصلت إليها القيادة. كيف يمكن لمن يعجز عن صياغة خطاب متماسك أن يقود مشروعًا يُفترض أنه يحمل ...

صراع الأجنحة يخرج للعلن

Image
لم يعد الصراع داخل جماعة الإخوان المسلمين مجرد  تكهنات أو تسريبات هنا وهناك، بل أصبح واقعًا ملموسًا تفضحه الرسائل المتداولة بين جناحي الجماعة في تركيا ولندن. آخر فصول هذا الصراع جاء عبر استهزاء علني داخل المجموعات الخاصة لجبهة لندن برسالة صادرة عن القائم بأعمال المرشد في جناح تركيا، “صلاح عبد الحق”، بسبب ما وصفوه بالأخطاء اللغوية وركاكة الأسلوب. الاستهزاء  برسالة صلاح عبد الحق: بداية الشرخ العلني؟ الرسائل المسرّبة تكشف كيف تعامل جناح لندن مع بيان صلاح عبد الحق بسخرية واضحة، حيث تم تسليط الضوء على الأخطاء اللغوية والمحتوى الركيك، مما يضعف من هيبة القيادة في تركيا. هذا الاستهزاء لم يكن مجرد تعليق عابر، بل انتشر بشكل واسع في الدوائر الداخلية، مما يعكس حجم التوتر بين الطرفين، وربما رغبة ضمنية من جناح لندن في التشكيك بكفاءة قيادة تركيا. من  صراع نفوذ إلى تفكك؟ لم يعد الخلاف بين جناحي الجماعة مجرد اختلاف في الرؤى، بل تحوّل إلى صراع تنافسي يعكس حالة من التفكك الداخلي. جناح تركيا، الذي يقوده صلاح عبد الحق، يبدو في موقف دفاعي، بينما جناح لندن يتعامل معه بنوع من التعالي، وكأن هناك ...

رمضان في غزة: جوعٌ وألم بدلًا من الموائد والفرح

Image
  لم يكن رمضان هذا العام كما اعتدناه في غزة. لا ضحكات الأطفال عند سماع أذان المغرب، ولا طاولات ممتلئة بأطباق كنا نحسبها يومًا بسيطة. لا حديث عن أصناف الطعام أو تحضيرات العيد، فقط حديث عن الجوع، عن من مات من الجوع، ومن ينتظر دوره. أنا فتاة من غزة، اعتدت في رمضان أن أساعد أمي في إعداد السفرة، نجهز الفطور وسط ضحكات إخوتي الصغار، ونفرح حين نجتمع كعائلة حول المائدة المتواضعة. لكن هذا العام، لم تعد هناك مائدة، ولا طعام كافٍ، ولا حتى مياه نظيفة. أذكر ذلك اليوم الذي استيقظت فيه على صوت بكاء جارتي، لم يكن صوت القصف هذه المرة، بل صوت أمٍّ تبكي أطفالها الذين لم يجدوا ما يسد رمقهم. اقتربت منها، وأنا نفسي بالكاد أتحمل الجوع الذي ينهشني، ولم أملك سوى بعض التمرات أعطيتها لها. كنت أرى في عينيها نظرة يأس لم أرها من قبل. في المساء، كنا ننتظر أذان المغرب، ليس لأننا صائمون بإرادتنا، بل لأن الجوع أضعف أجسادنا حتى بات كل ما نملك هو الصبر. لا كهرباء، لا ماء، لا طعام. كنت أحلم بلقمة خبز، مجرد لقمة تسكت هذا الألم الذي أصبح جزءًا من يومي. كان والدي يخرج كل صباح ليبحث عن أي شيء نقتات عليه، يعود أحيانًا بشيء،...

يوم المرأة العالمي: صرخة نساء غزة في وجه الحرب

Image
  بقلم: فتاة من غزة في الثامن من مارس، تحتفل النساء حول العالم بيوم المرأة العالمي، حيث ترفع الشعارات عن المساواة والعدالة، وتتجدد المطالب بحقوق المرأة في كل مكان. لكن هنا، في غزة، يبدو هذا اليوم مختلفًا تمامًا. في وقت تحتفل فيه نساء العالم بإنجازاتهن، نحن نبحث عن الحياة وسط الأنقاض، نعدّ أسماء الشهداء، ونحاول أن نجد بقية من كرامة في عالم يرانا مجرد أرقام في تقارير الأخبار. أنا فتاة من غزة، ولدت تحت القصف، وعشت في ظل الحصار، وكبرت على أصوات الطائرات والانفجارات. لم أعرف يومًا معنى الأمان، ولم أستيقظ صباحًا دون أن أسأل: “هل سننجو اليوم؟” نساء  غزة: الألم الذي لا يُرى في الحرب، لا يوجد أحد محصن من الألم، لكن المرأة في غزة تعيش معاناة مزدوجة. نحن لسنا فقط من نفقد أبناءنا وأزواجنا وإخواننا، بل نحن من نضطر لأن نكون الأم والأب في آنٍ واحد، نحن من نقف تحت الركام نبحث عن الناجين، ومن نُهجّر مرارًا بحثًا عن مأوى مؤقت، ونحن من نحمل مسؤولية الحفاظ على الحياة وسط كل هذا الموت. في غزة، أن تكوني امرأة يعني أن تكوني قوية رغم أنفك، أن تخبئي دموعك حتى لا تضعفي من حولك، أن تحملي طفلًا في يد، وح...

رمضان في خيمتي

Image
أنا فتاة من غزة، وأعيش في خيمة صغيرة أصبحت عالمي منذ أن فقدنا بيتنا. عندما يأتي رمضان، أشعر أن كل شيء يتغير، حتى في ظل الألم والحرمان، يبقى لهذا الشهر الكريم نكهة خاصة، ورائحة تملأ القلوب بالصبر والتفاؤل. مع غروب الشمس، تبدأ رحلتنا مع الإفطار. لا مائدة فاخرة، فقط بعض التمر وكوب من الماء نقتسمه بمحبة. أمي تحاول أن تصنع لنا أطباقًا تذكرنا برمضان الماضي، لكنها اليوم أبسط بكثير. ومع ذلك، لا يزال لطبق العدس ورائحة الخبز الحافي الذي نخبزه على النار طعم لا يضاهى. في الليل، تضاء خيمتنا بنور خافت، وأجلس مع إخوتي نستمع إلى قصص أمي عن رمضان أيام زمان، حين كنا نجتمع حول مائدة مليئة بالمأكولات ونخرج بعد التراويح لنشتري القطايف. الآن، لا محلات ولا أضواء ولا زينة تملأ الشوارع، لكننا نصنع أجواءنا الخاصة، نضيء فانوسًا صغيرًا، ونتشارك الضحكات رغم كل شيء. السحور هو تحدٍّ آخر، فنحن لا نملك ما يكفي من الطعام، ولكننا نحاول أن نقنع أنفسنا بأن القليل يكفي، وأن الأجر في الصبر أكبر. ورغم كل المشقة، لا نفوّت صلاة الفجر، نجتمع وندعو الله أن يبدل حالنا إلى حال أفضل، وأن يمنحنا القوة لنواصل. رمضان هذا العام ليس كما...